فقال الرجل: أعلي أفقر مني يا رسول الله! فوالله، ما بين لابيتها- يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي،
ــ
بل يحتمل أن يريد بقوله "هلكت" أثمت وأهلكت أي كنت سبباً في تأثيم من طاوعتني فواقعتها إذ لا ريب في حصول الإثم على المطاوعة ولا يلزم من ذلك إثبات الكفارة ولا نفيها أو المعنى هلكت، أي حيث وقعت في شيء لا أقدر على كفارته "وأهلكت" أي نفسي بفعل الذي جر عليّ الإثم، وهذا كله بعد ثبوت الزيادة المذكورة وقد ذكر البيهقي إن للحاكم في بطلانها ثلاثة أجزاء، ومحصل القول فيها إنها وردت من طريق الأوزاعي، ومن طريق ابن عيينة. أما الأوزاعي فتفرد بها محمد بن المسيب عن عبد السلام بن عبد الحميد عن عمر بن عبد الواحد والوليد ابن مسلم وعن محمد بن عقبة بن علقمة عن أبيه ثلاثتهم عن الأوزاعي. قال البيهقي: رواه جميع أصحاب الأوزاعي بدونها وكذلك جميع الرواة عن الوليد وعقبة وعمرو محمد بن المسيب كان حافظاً مكثراً إلا أنه كان في آخر أمره عمي فلعل هذه اللفظة أدخلت عليه وقد رواه أبوعلي النيسابوري عنه بدونها، ويدل على بطلانها ما رواه العباس بن الوليد عن أبيه. قال سئل عن رجل جامع امرأته في رمضان قال: عليهما كفارة واحدة إلا الصيام. قيل له فإن استكرهها قال: عليه الصيام وحده. وأما ابن عيينة فتفرد بها أبوثور عن معلى بن منصور عنه. قال الخطابي: المعلى ليس بذاك الحافظ، وتعقبه ابن الجوزي بأنه لا يعرف أحد طعن في المعلى، وغفل عن قول الإمام أحمد أنه كان يخطىء كل يوم في حديثين أو ثلاثة فلعله حدث من حفظه بهذا فوهم. وقد قال الحاكم: وقفت على كتاب الصيام للمعلى بحظ موثوق به وليست هذه اللفظة فيه، وزعم ابن الجوزي إن الدارقطني أخرجه من طريق عقيل أيضاً وهو غلط منه، فإن الدارقطني لم يخرج طريق عقيل في السنن، وقد ساقه في العلل بالإسناد الذي ذكره عنه ابن الجوزي بدونها - انتهى. كلام الحافظ. وراجع السنن الكبرى للبيهقي (ج٤ ص٢٢٧) مع الجوهر النقي (أعلى أفقر مني) بهمزة الاستفهام والمجرور متعلق بمحذوف، أي أأتصدق على شخص أكثر حاجة مني. وقال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح البخاري: هو بتقدير همزة الاستفهام التعجبي الداخلة على فعل حذف للعلم به من قوله "فتصدق به" قال الحافظ: وهذا يشعر بأنه فهم الإذن له في التصدق على من يتصف بالفقر وقد بين ابن عمر في حديثه ذلك فزاد فيه إلى من ادفعه قال إلى أفقر من تعلم أخرجه البزار والطبراني في الأوسط. وفي رواية إبراهيم بن سعد أعلى أفقر من أهلي ولابن مسافر عند الطحاوي أعلى أهل بيت أفقر مني، ولمنصور أعلى أحوج منا (ما بين لابيتها) بغير همزة تثنية لابة، بالباء الموحدة المفتوحة، ثم التاء المثناة من فوق، والضمير للمدينة. قال الجزري في جامع الأصول (ج٧ ص٥٤٧) اللابة، الأرض ذات الحجارة السود الكثيرة، وهي الحرة ولابتا المدينة حرتاها من جانبيها - انتهى. (يريد) أي الرجل باللابتين وهذا من كلام بعض رواته (الحرتين) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء تثنية حرة وهي الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة بين حرتين (أهل بيت أفقر من أهل بيتي) برفع أهل اسم "ما"