للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.....................

ــ

الحديث نص في عدم سقوط الكفارة بالإعسار فلا يترك بالمحتمل. وقال ابن دقيق العيد (ج٢ ص٢١٨) تباينت المذاهب فيه أي في قوله أطعمه أهلك. فقيل: إنه دليل على سقوط الكفارة بالإعسار المقارن لسبب وجوبها؛ لأن الكفارة لا تصرف إلى النفس ولا إلى العيال ولم يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - استقرارها في ذمته إلى حين يساره ويتأيد ذلك بصدقة الفطر حيث تسقط بالإعسار المقارن بسبب وجوبها وهو هلال الفطر لكن الفرق بينهما إن صدقة الفطر لها أمد تنتهي إليه، وكفارة الجماع لا أمد لها فتستقر في الذمة. وليس في الخبر ما يدل على إسقاطها بل فيه ما يدل على استمرارها على العاجز. وقيل لا تسقط الكفارة بالإعسار المقارن وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والصحيح من مذهب الشافعي أيضاً، وبعد قول بهذا المذهب. ففيه طريقان، أحدهما منع أن لا تكون الكفارة أخرجت في هذه الواقعة، يعني إن الذي أذن له في التصرف فيه كان على سبيل الكفارة. ثم اختلفوا فقال بعضهم: هذا خاص بهذا الرجل أي كونه أكله من صدقة نفسه وإطعام أهله منها مجزئاً عن كفارته مخصوص بهذا الرجل لا يتعداه. ورد بأن الأصل عدم الخصوصية. وقال بعضهم: هو منسوخ وهذا أيضاً مردود. لأنه لا دليل على النسخ. وقال بعضهم: المراد بالأهل الذين أمر بصرفها إليهم من لا تلزمه نفقته من أقاربه، وضعف بالرواية التي فيها عيالك. وبالرواية المصرحة بالإذن له في الأكل من ذلك. وقال بعضهم: لما كان فقيراً عاجزاً لا يجب عليه النفقة لغيره وكان أهله فقراء أيضاً جاز أعطاء الكفارة عن نفسه لهم. وقد جوز بعض الشافعية لمن لزمته الكفارة مع الفقر أن يصرفها إلى أهله وأولاده. وضعف أيضاً بالرواية التي فيها تصريح بالإذن له في الأكل من ذلك. الطريق الثاني، وهو الأقرب الأقوى أن يجعل إعطاءه إياها لا على جهة الكفارة بل على جهة التصدق عليه وعلى أهله بتلك الصدقة لما ظهر من حاجتهم. وأما الكفارة فلم تسقط بذلك ولكن ليس استقرارها في ذمته مأخوذاً من هذا الحديث. وأما ما اعتلوا به من تأخير البيان فلا دلالة فيه لأن العلم بالوجوب قد تقدم، ولم يرد في الحديث ما يدل على الإسقاط، لأنه لما أخبره بعجزه ثم أمره بإخراج العرق دل على أن لا سقوط عن العاجز ولعله أخر البيان إلى وقت الحاجة: وهو القدرة كذا في الفتح. وقد ورد ما يدل على إسقاط الكفارة أو على أجزاءها عنه بإنفاقه إياها على عياله وهو قوله في حديث علي، وكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك، ولكنه حديث ضعيف لا يحتج بما انفرد به. قال القسطلاني: ولابن إسحاق خذها وكلها وأنفقها على عيالك أي لا عن الكفارة بل هو تمليك مطلق بالنسبة إليه وإلى عياله وأخذهم إياه بصفة الفقر، وذلك لأنه لما عجز عن العتق لإعساره وعن الصيام لضعفه، فلما حضر ما يتصدق به ذكر أنه وعياله محتاجون فتصدق به عليه الصلاة والسلام عليه، وأذن له في أكله وإطعام عياله وكان من مال الصدقة. وبقيت الكفارة في ذمته - انتهى. وحكى عن الشعبي والنخعي وسعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>