قال الثوري والأوزاعي وأبوحنيفة - انتهى مختصراً. والمشهور من مذهب مالك وأصحابه أنه يكره بالرطب دون غيره سواء كان أول النهار أو آخره، واستدل لهم بما روى البيهقي (ج٤:ص٢٧٢) عن زياد بن حدير قال: ما رأيت أحداً آداب سواكاً وهو صائم من عمر أراه قال بعود قد ذوى. قال أبوعبيد: يعني يبس ولأنه مغرر بصومه لاحتمال أن يتحلل منه أجزاء إلى حلقه فيفطره وفيه ما قال ابن سيرين لا بأس بالسواك الرطب. قيل: له طعم قال والماء له طعم وأنت تمضمض به ذكره البخاري واستدل لكراهة السواك بعد الزوال بما رواه الدارقطني (ص٢٤٩) والبيهقي (ج٤:ص٢٧٤) والطبراني من حديث جناب مرفوعاً مثل قول علي المتقدم. قال الحافظ في التلخيص: ضعفه الدارقطني والبيهقي. قلت: فيه كيسان أبوعمر القصار المذكور وقد عرفت حاله. واستدل لذلك أيضاً بحديث الخلوف المتقدم في أوائل الصوم، لأن في الاستياك بعد الزوال إزالة الخلوف المحمود. وأجيب عنه بوجوه. منها ما قاله ابن العربي من أن الخلوف تغير رائحة فم الصائم وإنما يحدث من خلو المعدة يترك الأكل ولا يذهب بالسواك؛ لأنها رائحة النفس الخارجة من المعدة. وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغيير أي الوسخ: وقال ابن الهمام: إنما يزيل السواك أثره الظاهر عن السن من الاصفرار وهذا؛ لأن سبب الخلوف خلو المعدة من الطعام والسواك لا يفيد شغلها بطعام ليرتفع السبب، ولهذا روى عن معاذ مثل ما قلنا روى الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن غنم قال: سألت معاذ بن جبل أتسوك وأنا صائم قال نعم قلت أي النهار أتسوك قال أي النهار شئت غدوة أو عشية، قلت إن الناس يكرهونه عشية، ويقولون إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، فقال سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لابد أن يكون بقي الصائم خلوف وإن أستاك، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر إلا من ابتلى بلاء لا يجد منه بداً - انتهى. قال الحافظ في التلخيص:(ص١٩٣) إسناده جيد وقال الهيثمي (ج٣:ص١٦٥) : فيه بكر بن خنيس وهو ضعيف، وقد وثقه ابن معين في رواية. قلت: ووثقه أيضاً العجلي وضعفه غيرهما. وقال في التقريب: هو كوفي عابد سكن بغداد صدوق، له أغلاط - انتهى. وقد تعقب الحافظ في التلخيص (ص٢٢) على هذا الجواب فقال في قول ابن العربي السواك لا يزيل الخلوف، وإنما يزيل وسخ الأسنان نظر، لأنه يزيل المتصعد إلى الأسنان الناشيء عن خلو المعدة ولا يخفى ما فيه؛ لأن المضمضة أيضاً تزيل هذا وهم لا يكرهونها. ومنها ما قاله ابن العربي أيضاً إن الحديث لم يسق لكراهية السواك، وإنما سيق لترك كراهة مخاطبة الصائم. وقال الزرقاني: إنما مدح الخلوف نهياً للناس عن تقذر مكالمة الصائم بسبب الخلوف لا نهياً للصائم عن السواك والله غني عن وصول الروائح الطيبة إليه، فعلمنا يقيناً أنه