١٩٧- (٥٨) وعن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها،
ــ
أي كما ينسخ بعض آياته بعضاً. وهذا مما لا اختلاف فيه، وارجع للتفصيل إلى كتاب الاعتبار للحازمي. والحديث أخرجه أيضاً الديلمي، وهو حديث ضعيف جداً؛ لأن في سنده محمد بن الحارث بن زياد بن الربيع، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه. ومحمد بن الحارث هذا، قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الفلاس: يروى عن ابن البيلماني أحاديث منكرة، متروك الحديث. وقال أبوحاتم: ضعيف. ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، ضعفوه. قال النسائي وأبوحاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وقال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمأتي حديث كلها موضوعة. وأبوه عبد الرحمن بن البيلماني لينه أبوحاتم. وقال الدارقطني: ضعيف لا تقوم به حجة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب: ضعيف.
١٩٧- قوله: (وعن أبي ثعلبة الخشني) بضم المعجمة الأولى وفتح الثانية بعدها نون، نسبة إلى خشين بطن من قضاعة. صحابي مشهور، معروف بكنيته، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً، ذكره الحافظ في الإصابة، وفي التهذيب والتقريب، وهو من بايع تحت الشجرة، ولم يقاتل مع علي ولا مع معاوية، وأرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا، ونزل بالشام. له أربعون حديثاً، اتفقا على ثلاثة، وانفرد مسلم بواحد. مات وهو ساجد سنة (٧٥) ، وقيل: قبل ذلك بكثير في أول خلافة معاوية بعد الأربعين. (إن الله فرض فرائض) جمع فريضة بمعنى مفروضة، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية، أي أوجب أحكامها مقدرة مقطوعة، سواء كان مما أوجب الله في كتابه أو لسان رسوله. (فلا تضيعوها) بتركها رأساً، أو بترك شروطها وأركانها. (وحرم حرمات) أي محرمات من المعاصي (فلا تنتهكوها) أي لا تقربوها فضلاً عن أن تتناولوها. وقال في الصحاح: انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحل. وقيل: الانتهاك خرق محارم الشرع. (وحد حدوداً فلا تعتدوها) أصل الحد المنع والفصل بين الشيئين، فكأن حدود الشرع فصلت بين الحلال والحرام. والمعروف في اصطلاح الفقهاء من أسماء الحدود ثلاثة أشياء: أحدها المحارم والمعاصي، ومنه قوله تعالى:{تلك حدود الله فلا تقربوها}[١٨٧:٢] . والثاني العقوبات المقدرة الرادعة عن المحارم المغلظة، كما يقال: حد الزنا، وحد السرقة، وحد شرب الخمر. والثالث جملة ما أذن في فعله سواء كان على طريق الوجوب، أو الندب أو الإباحة، ومنه قوله تعالى:{تلك حدود الله فلا تعتدوها}[٢٢٩:٢] ، واعتداء الحدود هو تجاوز ذلك إلى ارتكاب ما نهي عنه؛ لأنه ليس ما وراء ما حد الله من المأذون فيه إلا ما نهى عنه، ولهذا مدح الله الحافظين لحدود الله وذم من ر يعرف حد الحلال من الحرام، واختلفوا في معنى قوله:((وحد حدوداً فلا تعتدوها)) فحمله بعضهم على العقوبات الزاجرة عن المحرمات المقدرة، وقال في معناه: حد أي بين وعين حدوداً في المعاصي من القتل والزنا والسرقة، فلا تعتدوها أي لا تتجاوزا عن الحد لا بالزيادة ولا بالنقصان ولا بالترك رأساً. وحمله ابن رجب على المعني الثالث، قال: الوقوف