٢٠٤٠- (٢) وعن أبي سعيد الخدري، قال:((غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من شهر رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم)) رواه مسلم.
ــ
وقال آخرون أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى:{يريد الله بكم اليسر}[البقرة: ١٨٥] فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقه، وإن كان الصيام أيسر كمن يسهل عليه حينئذٍ ويشق عليه قضاءه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل، وهو قول عمر بن عبد العزيز واختاره ابن المنذر. قال الشوكاني والأولى أن يقال من كان يشق عليه الصوم ويضره، وكذلك من كان معرضاً عن قبول الرخصة فالفطر أفضل له. أما الطرف الأول فلما تقدم من الأدلة في حجج القائلين بالمنع من الصوم. وأما الطرف الثاني فلحديث: إن الله يحب أن تؤتى رخصه، وقد تقدم. ولحديث: من رغب عن سنتي فليس مني، وكذلك يكون الفطر أفضل في حق من خاف على نفسه العجب أو الرياء إذا صام في السفر، وقد أشار إلى ذلك ابن عمر، فروى الطبري عن ابن عمر أنه قال: إذا سافرت فلا تصم، فإنك إن تصم. قال أصحابك: اكفوا الصائم ارفعوا للصائم وقاموا بأمرك، وقالوا فلان صائم، فلا تزال كذلك حتى يذهب أجرك. وأخرج نحوه عن أبي ذر، ومثل ذلك حديث أنس الآتي بعد حديثين وما كان من الصيام خاليا عن هذه الأمور أفضل من الإفطار-انتهى. (متفق عليه) واللفظ للبخاري، وأخرجه أيضاً أحمد، ومالك والترمذي وأبوداود، والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي وغيرهم.
٢٠٤٠- قوله:(غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فيه تجريد أو تأكيد لأن الغزوة لا تكون إلا معه بخلاف السرية والمراد غزوة فتح مكة (لست عشرة) أي ليلة (مضت من شهر رمضان) كذا في جميع النسخ، وفي مسلم من رمضان أي بإسقاط لفظ شهر، وهكذا وقع في جمع الأصول (ج٧ص٢٦٢) والمصابيح، واختلفت الروايات في تعيين التأريخ ففي رواية لمسلم لثمان عشرة خلت وفي رواية ثنتي عشرة، وفي رواية لسبع عشرة أو تسع عشرة، والمشهور في كتب المغارى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة الفتح من المدينة لعشر خلون من رمضان، ودخلها لتسع عشرة خلت. قال الحافظ: في الصيام من الفتح بعد الإشارة إلى اختلاف الرواة في ضبط ذلك في حديث أبي سعيد ما لفظه، والذي اتفق عليه أهل السير أنه خرج في عاشر رمضان، ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه. وقال في المغازى: أخرج البيهقي من طريق ابن أبي حفصة عن الزهري قال: صبح رسول الله صلى الله عليه مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان، وروى أحمد بإسناد صحيح من طريق قزعة بن يحيى عن أبي سعيد قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح لليلتين خلتا من شهر رمان، هذا يعين يوم الخروج. وقول الزهري يعين يوم الدخول. ويعطي أنه أقام في الطريق اثني عشر يوماً.