للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٤١- (٣) وعن جابر، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّلَ عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصوم في السفر)) متفق عليه.

ــ

وأما ما قال الواقدي: أنه خرج لعشر خلون من رمضان، فليس بقوى لمخالفته ما هو أصح منه، وفي تعيين هذا التأريخ أقوال أخرى. منها عند مسلم لست عشرة، ولأحمد لثماني عشرة وفي أخرى لثنتي عشرة، والجمع بين هاتين بحمل إحداهما على ما مضى، والأخرى على ما بقي والذي في المغازى دخل لتسع عشرة مضت وهو محمول على الاختلاف في أول الشهر، ووقع في أخرى بالشك في تسع عشرة، أو سبع عشرة. وروى يعقوب بن سفيان من رواية ابن إسحاق عن جماعة من مشائخه، إن الفتح كان في عشر بقين من رمضان، فإن ثبت حمل على أن مراده أنه وقع في العشر الأوسط قبل أن يدخل العشر الأخير-انتهى. فتأمل. قال ابن الملك: في الحديث دلالة على غلط من قال إن أحداً إذا أنشأ السفر في أثناء رمضان لم يجز له أن يفطر (فمنا من صام) وهم الأقوياء (ومنا من أفطر) وهم الضعفاء (فلم يعب) بفتح الياء وكسر العين أي لم يلم، وفي رواية فلا يجد أي لا يغضب (الصائم على المفطر) لأنه عمل بالرخصة (ولا المفطر على الصائم) لعمله بالعزيمة يعني لم ينكر الصائم على المفطر إفطاره دينا ولا المفطر على الصائم صومه، فهما جائزان وزاد في رواية يرون إن من وجد قوة فصام، فإن ذلك حسن ويرون إن من وجد ضعفاً فافطر فإن ذلك حسن. قال النووي: هذا صريح بترجيح مذهب الأكثرين وهو تفصيل الصوم لمن اطاقه بلا ضرر ولا مشقه ظاهرة. وقال بعض العلماء: الفطر والصوم سواء، لتعادل الأحاديث. والصحيح قول الأكثرين-انتهى. وقال الحافظ في الفتح: بعد ذكر هذا الحديث ما لفظه، وهذا التفصيل هو المعتمد وهو رافع للنزاع-انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً الترمذي والنسائي والطحاوي (ج١ص٣٣٣) والبيهقي (ج٤ص٢٤٤، ٢٤٥) وفي الباب عن أنس عند الشيخين وأبي داود والطحاوي والبيهقي وعن جابر عند مسلم والنسائي والطحاوي والبيهقي.

٢٠٤١- قوله: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر) في غزوة الفتح كما في حديث جابر الآتي في الفصل الثالث. قال الحافظ: تبين من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر إنها غزوة الفتح-انتهى. يريد بذلك حديث جابر الآتي فإنه رواه مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم، من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر (فرأى زحاما) بكسر الزاي اسم للزحمة، والمراد هنا الوصف لمحذوف أي فرأى قوما مزدحمين. وقيل: أي رأى مزاحمة في الاجتماع على غرض الاطلاع (ورجلا) قال الحافظ: لم أقف على اسم هذا الرجل ولولا ما قدمته من أن عبد الله بن رواحة استشهد قبل غزوة الفتح لأمكن أن يفسر به لقول أبي الدرداء أن لم يكن من الصحابة في تلك السفرة صائماً غيره-انتهى. وقيل: أنه أبوإسرائيل القرشي العامري واسمه قيس، وفيه نظر. فإن بين القصتين مغايرات ظاهرة، أظهرها إن أبا إسرائيل كان في الحضر في المسجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>