للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ويجب أن يتنبه للفرق بين دلالة السبب والسياق والقرائن على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم وبين مجرد ورود العام على سبب، فإن بين العامين فرقا واضحا ومن أجراهما مجرى واحدا لم يصب، فإن مجرد ورود العام على سبب لا يقتضي التخصيص به كنزول آية السرقة في قصة سرقة رداء صفوان. وأما السياق والقرائن فإنها الدالة على مراد المتكلم، وهي المرشدة إلى بيان المجملات وتعيين المحتملات كما في حديث الباب. وقال ابن المنير: هذه القصة تشعر بأن من اتفق له مثل ما اتفق لذلك الرجل أنه يساويه في الحكم، وأما من سلم من ذلك ونحوه فهو في جواز الصوم على أصله. وقال الطحاوي: المراد بالبر هنا البر الذي هو إبر البر وأعلى مراتب البر، وليس المراد بذلك إخراج الصوم في السفر من أن يكون برا، لأنه قد يكون برا، لأنه قد يكون الإفطار إبر منه، إذا كان للتقوى على لقاء العدو، مثلا والمعنى ليس من البر الذي هو إبر البر وأعلى مراتب البر الصوم في السفر، وإن كان الصوم في السفر برا إلا أن غيره من البر وهو الإفطار قد يكون إبر منه إذا كان يراد به القوة للقاء العدو. قال وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف-الحديث. فإنه لم يرد به إخراجه إياه من أسباب المسكنة كلها، ولكنه أراد بذلك ليس هو المسكين المتكامل المسكنة، ولكن المسكين الكامل المسكنة الذي لا يسأل الناس ولا يعرف فيتصدق عليه وحمل الشافعي نفي البر المذكور في الحديث على من أبي قبول الرخصة فقال معنى قوله ليس من البر أن يبلغ رجل هذا بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة، وقد أرخص الله تعالى له أن يفطر وهو صحيح. قال ويحتمل أن يكون معناه ليس من البر المفروض الذي من خالفه إثم، كذا في الفتح. وقال السندي: ظاهر إن ترك الصوم أولى ضرورة إن الصوم مشروع طاعة فإذا حرج عن كونه طاعة فينبغي أن لا يجوز ولا أقل من كون الأولى تركه ومن يقول إن الصوم هو الأولى في السفر يستعمل الحديث في مورده أي ليس من البر، إذا بلغ الصائم هذا المبلغ من المشقة، وكأنه مبني على تعريف الصوم للعهد، والإشارة إلى مثل صوم ذلك الصائم، نعم الأصل هو عموم اللفظ لا خصوص المورد. لكن إذا أدى عموم اللفظ إلى تعارض الأدلة يحمل خصوص المورد كما هنا. وقيل: من في قوله "ليس من البر" زائدة، والمعنى ليس هو البر بل قد يكون الإفطار إبر منه إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه. والحاصل إن المعنى على القصر لتعريف الطرفين. وقيل: محمل الحديث على من يصوم ولا يقبل الرخصة-انتهى. (متفق عليه) واللفظ للبخاري وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي والدارمي والطحاوي (ج١ص٣٢٩) والبيهقي (ج٤ص٢٤٢) وفي الباب عن ابن عمر عند ابن ماجه والطحاوي وعن كعب بن عاصم الأشعري عند أحمد (ج٥ص٤٣٤) والنسائي وابن ماجه والدارمي وعبد الرزاق والطبراني في الكبير والطحاوي والبيهقي: وعن أبي برزة الأسلمي عند أحمد والبزار والطبراني في الأوسط،

<<  <  ج: ص:  >  >>