للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذلك في رمضان. فكان ابن عباس يقول: قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر. فمن شاء صام ومن شاء أفطر)) . متفق عليه.

ــ

الرفع إلى أقصى غايتها، ويمكن أن يكون بمعنى "في" للظرفية كقوله تعالى: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة} [النساء: ٨٧] أي فرفعه حال كونه في يده (ليراه الناس) بفتح التحتية والراء والناس بالرفع، لأنه فاعله، والضمير المنصوب فيه مفعوله. قال الحافظ: كذا للأكثر وفي رواية المستملى ليريه بضم أوله وكسر الراء وفتح التحتانية، والناس نصب على أنه مفعول ثان، ليريه لأنه من الإراءة وهي تستدعى مفعولين، واللام للتعليل في الوجهين. والمعنى رفع الماء حتى ينظر الناس إليه فيقتدوا به في الإفطار لأن الصيام أضّر بهم، وكان لا يأمن الضعف عن القتال عند لقاء عدوهم، يفهم منه إن أفضلية الفطر لا تختص بمن أجهده الصوم أو خشي العجب والرياء، أو ظن به الرغبة عن الرخصة بل يلحق بذلك من يقتدي به ليتابعه من وقع له شيء من الأمور الثلاثة ويكون الفطر في حقه في تلك الحالة أفضل البيان (فافطر) أي بعد العصر كما في حديث جابر واستمر مفطراً (حتى قدم مكة وذلك) أي ما ذكر من الصوم والإفطار كان (في رمضان) سنة ثمان (فكان ابن عباس يقول قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في رمضان سنة ثمان حال السفر (فمن شاء صام ومن شاء أفطر) أي لا حرج على أحدهما، وفيه دلالة لمذهب الجمهور في جواز الصوم والفطر جميعا. قال الحافظ: فهم ابن عباس من فعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك إنه لبيان الجواز لا للأولوية. وقد تقدم في حديث أبي سعيد عند مسلم ما يوضح المراد، وسيأتي أيضاً في حديث جابر. قال في شرح السنة: لا فرق عند عامة أهل العلم بين من ينشيء السفر في شهر رمضان، وبين من يدخل عليه شهر رمضان وهو مسافر. وقال عبيدة السلماني: إذا أنشأ السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار لظاهر قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: ١٨٥] وهذا الحديث حجة على القائل. ومعنى الآية الشهر كله، فأما من شهد بعضه فلم يشهد الشهر-انتهى. قال القاري: والأظهر إن معنى الآية فمن شهد منكم شيئاً منه من غير مرض وسفر-انتهى. وقال الحافظ: استدل بالحديث على أن للمسافر أن يفطر في أثناء النهار، ولو استهل رمضان في الحضر. والحديث نص في الجواز إذ لا خلاف في أنه صلى الله عليه وسلم استهل رمضان في عام غزوة الفتح وهو بالمدينة ثم سافر في أثنائه، وقد ترجم عليه البخاري بلفظ: باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر. قال الحافظ: كأنه أشار إلى تضعيف ما روى عن علي وإلى رد ما روى عن غيره في ذلك. قال ابن المنذر: روى عن علي بإسناد ضعيف، وقال به عبيده بن عمر وأبومجلز وغيرهما إن من استهل عليه رمضان في الحضر ثم سافر بعد ذلك فليس له أن يفطر لقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} قال: وقال أكثر أهل العلم لا فرق بينه وبين من استهل رمضان في السفر، ثم ساق ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} نسخها قوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>