ويمكن أن يكون للتنويع. والشغل مبتدأ والتقدير الشغل المانع لقضاء الصوم كان ثابتاً من جهته، أو اشتغالها بخدمته صلى الله عليه وسلم هو المانع من القضاء-انتهى. والمراد من الشغل إنها كانت مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم مترصدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك ولا نعلم متى يريده. وأما في شعبان فإنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه فتفرغ عائشة فيه لقضاء صومها، وفي هذا التعليل إشكال كما ستعرف. قال الحافظ: وفي قوله "قال يحيى" الخ. تفصيل لكلام عائشة من كلام غيرها أي فيه بيان من البخاري إن هذا ليس من قول عائشة. بل مدرج من قول غيرها، ووقع في رواية أحمد بن يونس عند مسلم مدرجاً لم يقل فيه. قال يحيى: فصار كأنه من كلام عائشة أو من روي عنها. وأخرجه مسلم من طريق سليمان بن بلال عن يحيى مدرجاً أيضاً ولفظه، وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه من طريق ابن جريج عن يحيى فبين إدراجه، ولفظه فظننت إن ذلك لمكانها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيى بقوله. وأخرجه أبوداود من طريق مالك، والنسائي من طريق يحيى القطان وسعيد بن منصور عن ابن شهاب وسفيان كلهم عن يحيى بدون هذه الزيادة. وأخرجه مسلم من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بدون الزيادة لكن فيه ما يشعر بها فإن لفظه قالت: إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي شعبان. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون المراد بالمعية الزمان أي إن ذلك كان خاصاً بزمانه، وللترمذي وابن خزيمة من طريق عبد الله البهي عن عائشة ما كنت أقضي ما يكون علي من رمضان إلا في شعبان حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى. قلت قد اعترض على التعليل المذكور. فقال ابن عبد البر: هذا التعليل ليس بشيء لأن شغل سائر أزواجه كشغلها أو قريب منه لأنه أعدل الناس حتى قال اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك وإما أخرت ذلك للرخصة والتوسعة. وقال في اللامع: قد كان - صلى الله عليه وسلم - له تسع نسوة يقسم لهن ويعدل فما تأتي نوبة الواحدة إلا بعد ثمانية أيام فكان يمكنها أن تقضي في تلك الأيام. وأجاب عنه القرطبي بأن القسم لم يكن واجباً عليه فهن يتوقعن حاجته في كل الأوقات-انتهى. قال القسطلاني: والصحيح عند الشافعية وجوبه عليه فيحتمل أن يقال كانت لا تصوم إلا بإذنه، ولم يكن يأذن لاحتمال إحتياجه إليها فإذا ضاق الوقت أذن لها-انتهى. وقيل إن القسم إنما هو في المبيت في الليل دون النهار. وقال الحافظ: ومما يدل على ضعف الزيادة المذكورة إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم لنساءه فيعدل، وكان يدنو من المرأة في غير نوبتها فيقبل ويلمس من غير جماع، فليس في شغلها بشيء من ذلك ما يمنع الصوم، اللهم إلا أن يقال أنها كانت لا تصوم إلا بإذنه ولم يكن يأذن لاحتمال إحتياجه إليها، فإذا ضاق الوقت أذن لها، وكان هو - صلى الله عليه وسلم - يكثر الصوم في شعبان فلذلك كانت لا يتهيأ إلا في شعبان – انتهى