أو لمناسبة الزمان والمكان، قاله القاري. قال الباجي: أرادت أن تختبر بذلك صومه وتعلم الصحيح من قول المختلفين وهذا وجه صحيح في معرفة أحد القسمين، وهو أن يشربه، فيعلم بذلك فطره. وأما لو امتنع من شربه فليس في ذلك دليل على صومه لجواز أن يمتنع من ذلك لشبع، وروى وغير ذلك، ولعله أن يكون في رده ما يدل على صومه أو يتسبب به إلى سؤاله (وهو واقف) أي راكب (على بعيره بعرفة) وفي المستخرج لأبي نعيم وهو يخطب الناس بعرفة، والحديث نص في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان بعرفة على بعير، وكذا وقع في حديث خالد بن العداء، وحديث نبيط عند أبي داود. وهذا يخالف ما في حديث جابر الطويل عند مسلم وغيره حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس. وأجيب بأن البعير يطلق على الأنثى أيضاً. قال في مجمع البحار: البعير، يقع على الذكر والأنثى. وقال الراغب: يقع على الذكر والأنثى كالإنسان في وقوعه عليهما. وقال في القاموس: البعير، الجمل البازل. أو الجذع، وقد يكون للأنثى، فالمراد بالبعير في حديث الباب. وكذا في حديثي خالد ونبيط هي الناقة لا الجمل. وأما ما وقع عند أحمد والنسائي في حديث نبيط من لفظ الجمل فهي رواية شاذة، أو أطلق لفظ الجمل على الناقة على طريق الشذوذ. وقد بوب عليه النسائي بلفظ. الخطبة بعرفة على الناقة أو يقال أنه رآه من بعيد فظنها جملاً فروى على ما ظنه، والصواب أنه كان على ناقته القصواء حين وقف في الموقف، وخطب كما وقع في حديث جابر. واستدل به على أن الوقوف على ظهر الدواب مباح، وإن النهى الوارد في ذلك بقوله إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر-الحديث. أخرجه أبوداود من حديث أبي هريرة مرفوعاً، محمول على ما إذا حصل للدابة مشقة، أو أن هذا الموضع مستثنى عما نهى عنه. قال الخطابي: قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم خطب على راحلته فدل ذلك على أن الوقوف عليها لا لمعنى يوجبه بأن يستوطنه الإنسان ويتخذه مقعداً فيتعب الدابة ويضربها من غير طائل-انتهى. واختلف أهل العلم في أيهما أفضل الركوب أو تركه بعرفة، فذهب الجمهور إلى أن الأفضل الركوب لكونه - صلى الله عليه وسلم - وقف راكباً. ومن حيث النظر فإن في الركوب عوناً على الإجتهاد في الدعاء والتضرع المطلوب حينئذٍ كما ذكروا مثله في الفطر. وذهب آخرون إلى أن استحباب الركوب يختص بمن يحتاج الناس إلى التعليم منه، وعن الشافعي قول إنهما سواء كذا في الفتح (فشربه) زاد في حديث ميمون، والناس ينظرون إليه ولأحمد والنسائي من طريق عبد الله بن عباس عن أمه أم الفضل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة. قال الباجي: وشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموقف ليبين للناس فطره ولعله قد علم بتمارى أصحابه في ذلك الوقت فأراد تبين الشرع، وإيضاح الحق ورفع اللبس - صلى الله عليه وسلم -. ومقتضى حديث الباب وكذا حديث ميمونة إن صوم يوم عرفة غير مستحب لكن في حديث أبي قتادة الآتي إن صومه يكفر سنة آتية وسنة ماضية.