للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) متفق عليه.

٢٠٤- (٧) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))

ــ

(على هلكته) بفتحين أي إهلاكه يعني إنفاقه، وعبر بذلك ليدل على أنه لا يبقى منه شيئاً، وكمله بقوله (في الحق) أي في الطاعات ليزيل عنه إبهام الإسراف المذموم كما يقال: لا سرف في الخير. (الحكمة) اختلفوا في تفسيرها، فقيل: القرآن لأن اللام للعهد، وقيل: الإصابة من غير النبوة. (يقضي بها) أي يعمل بها ويحكم، والمراد أنه لا ينبغي أن يتمنى كونه كذى نعمة إلا أن تكون تلك النعمة مقربة إلى الله (ويعلمها) أي غيره (متفق عليه) وأخرجه أيضاً النسائي، وابن ماجه، وفي الباب عن ابن عمر عند الشيخين، وعن أبي هريرة عند البخار والنسائي.

٢٠٤- قوله: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله) أي أعماله بدليل الاستثناء، والمراد فائدة عمله؛ لانقطاع عمله، يعني لا يصل إليه أجر وثواب من شيء من عمله (إلا من ثلاثة) أي ثلاثة أشياء، فإن فائدتها لا تنقطع، قال السندهي: قوله: "انقطع عنه عمله" أي ثواب عمله، ولما كان هذا بمنزلة" انقطع الثواب من كل أعماله" تعلق به قوله: "إلا من ثلاثة" أي ثلاثة أعمال. وقيل: بل الاستثناء متعلق بالمفهوم، أي ينقطع ابن آدم من كل عمل إلا من ثلاثة أعمال. والحاصل: أن الاستثناء في الظاهر مشكل، وبأحد الوجهين المذكورين يندفع الإشكال – انتهى. وقال الأبهرى: "من" زائدة، والتنوين عوض عن الأعمال، وقيل: بل الضمير في "عنه" زائد ومعناه: إذا مات الإنسان انقطع عن أعماله إلا من ثلاثة أعمال. وقال الطيبي: الاستثناء متصل تقديره: ينقطع عنه ثواب أعماله من كل شيء كالصلاة والزكاة، ولا ينقطع ثواب أعماله من هذه الثلاثة، يعني أن الإنسان إذا مات لا يكتب له بعده ثواب أعماله؛ لأنه جزاء العمل، وهو ينقطع بموته إلا فعلاً دائم الخير مستمر النفع، مثل وقف أو تصنيف أو تعليم أو ولد صالح، وجعل الولد الصالح من جنس العمل؛ لأنه هو السبب في وجوده وسبب صلاحه بإرشاد إلى الهدى. وفائدة التقييد بالولد مع أن غيره لو دعا لنفعه، تحريض للولد على الدعاء وأنه كالواجب عليه – انتهى. مختصراً. (إلا من صدقة) الخ. بدل من قوله: "إلا من ثلاثة" وفي التكرير مزيد تقرير واعتناء بشأنه، وفي رواية أبي داود والنسائي "من صدقة" أي بدون لفظ "إلا" وفي رواية الترمذي "إلا من ثلاث صدقة" أي بغير لفظ "إلا" و"من" الجارة، فصدقة بالجر بدل من ثلاث (جارية) أي غير منقطعة كالوقف أو ما يديم للولي إجراءها عنه، وإليه يميل ترجمة النسائي وأبي داود بلفظ "باب الصدقة عن الميت"، وفي الأزهار: قال أكثرهم هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه. (أو علم ينتفع به) هو ما خلفه من تعليم أو تصنيف ورواية، وقال بعضهم: حمله على التأليف أقوى؛ لأنه أطول مدة وأبقى على ممر الزمان، المراد به العلم الشرعي. (أو ولد صالح يدعوا له) قال ابن الملك: قيد الولد بالصالح؛ لأن الأجر

<<  <  ج: ص:  >  >>