للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النووي في شرح المهذب وهو القوي يعني من حيث المعنى وهو ظاهر استعمال كثير من المحدثين، واعتمده الشيخان في صحيحيهما وأكثر منه البخاري. وقال التاج بن السبكي: أنه الأظهر وإليه ذهب الإمام فخر الدين. قلت: وقد ورد التصريح بالفاعل في رواية للدارقطني والطحاوي إلا أن في إسنادها يحيى بن سلام، وقد ضعفه الدارقطني والطحاوي ولفظها عند الدارقطني، رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق، ولم يذكر الطحاوي طريق عائشة ولفظها عنده من رواية ابن عمر، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المتمتع: إذا لم يجد الهدي ولم يصم في العشر أنه يصوم أيام التشريق، وهذا كما ترى قد خص المتمتع بذلك فلا يكون حجة لأهل هذا القول وأما الآية وحديث عائشة وابن عمر عند البخاري. فأجاب المانعون عنه مطلقاً بأنا لا نسلم إن أيام التشريق من أيام الحج. ولو سلمنا فهي مخصوصة بأحاديث النهي كما سبق، قال الجصاص: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن صوم يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق في أخبار متواترة مستفيضة. واتفق الفقهاء على استعمالها وأنه غير جائز لأحد أن يصوم هذه الأيام عن غير صوم المتعة لا من فرض ولا من نفل فلم يجز صومها عن المتعة لعموم النهي عن الجميع. ولما اتفقوا على أنه لا يجوز أن يصوم يوم النحر وهو من أيام الحج للنهي الوارد فيه كذلك لا يجوز الصوم أيام منى ولما لم يجز أن يصومهن عن قضاء رمضان لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} [البقرة:١٨٤] وكان الحظر المذكور في هذه الأخبار قاضيا على إطلاق الآية موجبا لتخصيص القضاء في غيرها، وجب أن يكون ذلك حكم صوم التمتع وأن يكون قوله تعالى {فصيام ثلاثة أيام في الحج} [البقرة: ١٩٦] في غير هذه الأيام قال الجصاص: وأيضا لما قال {فصيام ثلاثة أيام في الحج} ولم يكن صوم هذه الأيام في الحج، لأن الحج فائت في هذا الوقت لم يجز أن يصومها فإن قيل لما قال {فصيام ثلاثة أيام في الحج} وهذه من أيام الحج وجب أن يجوز صومهن فيها، قيل له: لا يجب ذلك من وجوه، أحدها أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم هذه الأيام قاض عليه ومخصص له كما خص قوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} نهيه عن صيام هذه الأيام. والثاني أنه لو كان جائزاً لأنه من أيام الحج لوجب أن يكون صوم يوم النحر أجوز لأنه أخص بأفعال الحج من هذه الأيام. والثالث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص يوم عرفة بالحج بقوله الحج عرفة فقوله: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} يقتضي أن يكون آخرها يوم عرفة. والرابع أنه روى أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وروى أنه يوم النحر: وقد اتفقوا أنه لا يصوم يوم النحر مع أنه يوم الحج، فما لم يسم يوم الحج من الأيام المنهي عن صومها أحرى أن لا يصوم فيها، وأيضاً فإن الذي يبقى بعد يوم النحر إنما هو من توابع الحج، وهو رمي الجمار فلا إعتبار به في ذلك فليس هو إذاً من أيام الحج فلا يكون صومها صوماً في الحج-انتهى. قال المانعون: وحديث عائشة وابن عمر موقوف لأنهما لم يضيفاه إلى الزمن النبوي فيكون موقوفاً على ما جزم به ابن الصلاح في نحوه مما لم يضف،

<<  <  ج: ص:  >  >>