٢٠٧١- (١٦) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو بعده)) متفق عليه.
ــ
والمعنى حينئذٍ لم يرخص من له مقام الفتوى، ويؤيد ذلك ما روى عنهما موقوفاً عليهما على سبيل الجزم، وروى أيضاً من فعل أبي بكر وفتيا لعلي رضي الله عنه. وقال الطحاوي (ج١ص٤٣٠) قولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عزوجل في كتابه {فصيام ثلاثة أيام في الحج} فعدا أيام التشريق من أيام الحج فقالا: رخص للحاج المتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الآية، ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بعده على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله صومه من ذلك-انتهى. هذا وقد جعل الشوكاني القول بجوازه للمتمتع أقوى المذاهب ورجححه أيضاً الحافظ، وذكر شيخنا في شرح الترمذي كلام الشوكاني وسكت عليه. والراجح عندي هو المنع مطلقا، لأحاديث النهي وهي مخصصة للآية، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرخصة للمتمتع صريحاً بسند صحيح. وأما حديث ابن عمر وعائشة عند البخاري ففي كونه مرفوعا كلام والله تعالى أعلم (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥ص٧٥، ٧٦) والنسائي في الكبرى والطحاوي (ج١ص٤٢٨) والبيهقي (ج٤ص٢٩٧) وفي الباب عن جماعة من الصحابة غير من تقدم ذكرهم منهم عليّ عند أحمد (ج١ص٧٦) والطحاوي وبشر بن سحم عند النسائي والطحاوي والبيهقي وابن حزم وعبد الله بن عمر وعند البزار، وزيد بن خالد عند أبي يعلى وكعب بن مالك عند أحمد، ومسلم وحمزة ابن عمر والأسلمي عند الطبراني، وعائشة عند الطحاوي وأم الفضل عند الطحاوي، وقد بسط العيني والطحاوي والحافظ في التلخيص (ص١٩١) والهيثمي طرق هذه الأحاديث.
٢٠٧١- قوله:(لا يصوم) كذا في جميع النسخ، وهكذا وقع في المصابيح وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج٧ص٢٣٧) عن مسلم بلفظ النفي: والمراد به النهي والذي في صحيح مسلم لا يصم بلفظ النهي وكذا نقله الحافظ في الفتح والبيهقي في السنن (ج٤ص٣٠٢) ولفظ البخاري لا يصوم. قال الحافظ: كذا للأكثر وهو بلفظ النفي والمراد به النهي، وفي رواية الكشميهني لا يصومن بلفظ النهي المؤكد (أحدكم يوم الجمعة) أي مفرداً (إلا أن يصوم قبله) أي يوماً (أو يصوم بعده) أي يوماً كما في رواية النسائي وللبخاري إلا يوماً قبله أو بعده، أي إلا أن يصوم يوماً قبله، أو يصوم يوماً بعده، وللإسماعيلي إلا أن تصوموا يوماً قبله أو بعده و"أو" لمنع الخلو، والمعنى انه يكفي صوم أحدهما ولو صامهما جاز أيضاً والحديث دليل على تحريم النفل بصوم يوم الجمعة منفرداً، وعلى جواز صوم يومها لمن صام قبله أو بعده، فلو أفرده بالصوم وجب فطره كما يفيده،