للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٧٤- (١٩) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله! ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله! قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، لا صام من صام الدهر،

ــ

٢٠٧٤- قوله: (ألم أخبر) بضم الهمزة وسكون المعجمة وفتح الموحدة مبنياً للمفعول، وهمزة "ألم" للاستفهام ولكنه خرج عن الاستفهام الحقيقي، فمعنا هنا حمل المخاطب على الإقرار بأمر قد استقر عنده ثبوته والذي أخبره هو والده عمرو بن العاص كما يدل عليه رواية البخاري في فضائل القرآن (إنك تصوم النهار) أي ولا تفطر، وفي رواية تصوم الدهر (وتقوم الليل) أي جميعه ولا تنام وفي رواية وتقرأ القرآن كل ليلة (فقلت: بلى يا رسول الله!) زاد مسلم ولم أرد بذلك إلا الخير، وفي رواية للبخاري أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أقول، والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ماعشت، وللنسائي من طريق أبي سلمة. قال: قال لي عبد الله بن عمرو: يا ابن أخي، إني قد كنت أجمعت على أن أجتهد إجتهاداً شديداً حتى قلت: لأصومن الدهر ولأقرأن القرآن في كل ليلة (قال فلا تفعل) زاد في رواية للبخاري، فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين (أي غارت ودخلت في نقرتها من الضعف) ونفهت له النفس (أي أعيت وتعبت وكلت) وزاد في رواية ابن خزيمة إن لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك. (صم) أي في بعض الأيام (وأفطر) بهمزة قطع أي في بعضها (وقم ونم) بفتح النون أي أجمع بين القيام والنوم في الليل (فإن لجسدك عليك حقاً) بأن ترعاه وترفق به ولا تضره حتى تقعد عن القيام بالفرائض ونحوها، وقد ذم الله قوماً أكثروا من العبادة، ثم تركوا بقوله: {ورهبانية ابتدعوها} إلى قوله: {فما رعوها حق رعايتها} [الحديد:٢٧] (وإن لعينك) بالأفراد، وفي رواية لعينيك بالتثنية (عليك حقاً) في الموطأ فإذا سرد الزوج الصوم ووالى قيام الليل ضعف عن حقها أي فلا ينبغي لأحد أن يجهد بنفسه في العبادة حتى يضعف عن القيام بحقها من جماع واكتساب (وإن لزورك) بفتح الزاي وسكون الواو أي لضيفك، والزور في الأصل مصدر وضع موضع الإسم، كصوم في موضع صائم، ونوم في موضع نائم، وعدل في موضع عادل، والواحد والاثنان والثلاثة والمذكورة والمؤنث في ذلك بلفظ واحد: يقول هذا رجل زور، ورجلان زور، وقوم زور، وامرأة زور، ويحتمل أن يكون زور، جمع زائر، كركب جمع راكب، وتجر جمع تاجر (عليك حقاً) أي في البسط والمؤانسة وغيرهما فيفطر لأجله إيناساً له وبسطاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>