للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم، أفضل الصوم صوم داود: صيام يوم، وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة، ولا ترد على ذلك)) متفق عليه.

ــ

(إني أطيق أكثر من ذلك) أي مما ذكر صيام الثلاثة وختم الشهر (قال: صم أفضل الصوم صوم داود) نصبه على البدل أو البيان أو بتقدير أعنى، ويجوز رفعه دون جره لفساد المعنى (صيام يوم وإفطار يوم) برفعهما على أنهما خبر مبتدأ محذوف هو هو. قال القاري: وفي نسخة بالنصب، وهو ظاهر، وزاد في رواية "ولا تزد عليه " وفي أخرى "قلت إني أطيق أفضل من ذلك" فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك. وفي الرواية المذكورة هنا اختصار فإن للبخاري في الأدب "فصم من كل جمعة ثلاثة أيام" وفي رواية له. في الصوم "فصم يوماً وأفطر يومين" وفي أخرى له أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام. قلت: يا رسول الله! قال خمساً. قلت: يا رسول الله! قال سبعا. ً قلت: يا رسول الله! قال تسعاً. قلت: يا رسول الله! قال: إحدى عشرة. وفي رواية لمسلم "صم يوماً" يعني من كل عشر أيام ولك أجر ما بقي. قال: إني أطيق أكثر من ذلك قال صم يومين ولك أجر ما بقي. قال: إني أطيق أكثر من ذلك قال صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقي. قال إني أطيق أكثر من ذلك قال صم أربعة أيام ولك أجر ما بقي. قال إني أطيق أكثر من ذلك قال صم صوم داود. وهذا يقتضى أنه صلى الله عليه وسلم أمره بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ثم بستة ثم بتسعة ثم باثني عشر ثم بخمسة عشر فالظاهر من مجموع الروايات الواردة في الباب أنه أمره بالاقتصار على ثلاثة أيام من كل شهر فلما قال أنه يطيق أكثر من ذلك زاده بالتدريج إلى أنه وصله إلى خمسة عشر يوماً فذكر بعض الرواة عنه ما لم يذكر الآخر، ويدل على ذلك رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وعند أبي داود فلم يزل يناقصني وأناقصه. ووقع للنسائي في رواية محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة صم الاثنين والخميس من كل جمعة وهو فرد من أفراد ما تقدم ذكره. وقد استشكل قوله "صم من كل عشرة أيام ولك أجر ما بقي" مع قوله "صم من كل عشرة أيام يومين ولك أجر ما بقي" الخ. لأنه يقتضى الزيادة في العمل والنقص في الأجر وبذلك ترجم له النسائي وأجيب بأن المراد لك أجر ما بقي بالنسبة إلى التضعيف قال عياض قال بعضهم معنى "صم يوماً ولك أجر ما بقي" أي من العشرة وقوله صم يومين ولك أجر ما بقي" أي من العشرين وفي الثلاثة ما بقي من الشهر وحمله على ذلك استبعاد كثرة العمل وقلة الأجر. وتعقبه عياض بأن الأجر إنما اتحد في كل ذلك لأنه كان نيته أن يصوم جميع الشهر فلما منعه صلى الله عليه وسلم من ذلك إبقاء عليه لما ذكر بقي أجر نيته على حاله، سواء صام منه قليلاً أو كثيراً كما تأولوه في حديث نية المؤمن خير من عمله أي إن أجره في نيته أكثر من أجر عمله لامتداد نيته بما لا يقدر على عمله-انتهى. والحديث المذكور ضعيف، وهو في مسند الشهاب والتأويل المذكور لا بأس به. ويحتمل أيضاً إجراء الحديث على ظاهره، والسبب فيه إنه كلما ازداد من الصوم إزداد من المشقة الحاصلة بسببه المقتضية لتفويت بعض الأجر الحاصل من العبادات التي قد يفوتها مشقة الصوم فينقص الأجر بإعتبار ذلك على أن قوله في نفس الخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>