للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغرق فرعون وقومه. فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه)) متفق عليه.

ــ

فصادف يوم عاشوراء بحسابهم اليوم الذي قدم فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة لكن لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بصيام عاشوراء رده إلى حكم شرعه، وهو الاعتبار بالأشهر الهلالية والسنين القمرية فأخذ أهل الإسلام بذلك (هذا يوم عظيم) أي وقع فيه أمور عظيمة توجب تعظيم مثل ذلك اليوم (وغرق) بالتشديد (فرعون وقومه) بالنصب فيهما. قال الطيبي: غرقه وأغرقه بمعنى، وفي نسخة أغرق، وفي أخرى بكسر الراء المخففة ورفع المنصوبين (فصامه موسى شكراً) لله تعالى (فنحن نصومه) أي شكراً أيضاً أو متابعة لموسى، وللبخاري في الهجرة، ونحن نصومه تعظيماً. وزاد أحمد (ج٢ص٣٦٠) من حديث أبي هريرة وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً (فنحن) أي إذا كان الأمر كذلك فنحن (أحق وأولى بموسى) أي بمتابعته (منكم) فإنا موافقون له في أصول الدين ومصدقون لكتابه، وأنتم مخالفون لها بالتغيير والتحريف. قال السندي: قوله "أحق بموسى منكم" يدل على أنه قصد موافقة موسى لقوله تعالى: {فبهداهم اقتده} [الأنعام: ٩٠] لا موافقة اليهود حتى يقال اللائق مخالفتهم وكأنه لهذا عزم في آخر الأمر على ضم اليوم التاسع إلى يوم عاشوراء تحقيقاً لمخالفة. وقال الطيبي: وافقهم في صوم يوم عاشوراء مع أن مخالفتهم مطلوبة، والجواب عنه أن المخالفة مطلوبة فيما أخطأوا فيه كما في يوم السبت لا في كل أمر. قال القاري: الأظهر في الجواب أنه صلى الله عليه وسلم أول الهجرة لم يكن مأموراً بالمخالفة، بل كان يتألفهم في كثير من الأمور، ومنها أمر القبلة. ثم لما ثبت عليهم الحجة ولم يمنعهم الملائمة، وظهر منهم العناد والمكابرة اختار مخالفتهم وترك مؤالفتهم انتهى. واستشكل رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى اليهود في ذلك لأنهم كفرة، وخبر الكافر في الديانات مردود وأجاب المازري باحتمال أن يكون أوحى إليه بصدقهم أو تواتر عنده الخبر بذلك، ولا يشترط الإسلام في التواتر، زاد عياض أو أخبره به من أسلم منهم كابن سلام وغيره، ثم قال ليس في الخبر أنه ابتداء الأمر بصيامه بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يصومه قبل ذلك، فغاية ما في القصة أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم. وإنما هي صفة حال وجواب سؤال. قلت: أراد بحديث عائشة ما رواه الشيخان عنها قالت كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية (أي قبل أن يهاجر إلى المدينة) فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه. ولا مخالفة بين هذا وبين حديث ابن عباس، إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>