جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) متفق عليه.
٢٠٨- (١١) وعن شقيق قال: كان عبد الله بن مسعود يذكر الناس في كل خميس. فقال له رجل: يا أباعبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا في كل يوم. قال:((أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإن أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا))
ــ
أشهر (جهالاً) جمع جاهل، وهو صفة "رؤساء" وهذا يكون عند انقراض العالم مطلقاً. (فأفتوا) أي أجابوا وحكموا. قال العيني: لا يختص هذا بالمفتين، بل عام للقضاة الجاهلين، إذا لحكم بالشيء مستلزم للفتوى به (بغير علم) وفي رواية "برأيهم" وفي الحديث الحث على العلم والتحذير عن ترئيس الجهلة وذم من يقدم على الإفتاء بغير علم. (فضلوا) أي صاروا ضالين بالفتوى بغير علم (وأضلوا) أي صاروا مضلين لغيرهم. (متفق عليه) أخرجه البخاري في العلم، وفي الاعتصام، ومسلم في العلم، وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي، والنسائي في العلم، وابن ماجه في السنة.
٢٠٨- قوله:(وعن شقيق) هو ابن سلمة يكنى أباوائل الأسدي، ثقة حجة، مخضرم، روى عن خلق من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب، وابن مسعود وكان خصيصاً به، من أكابر أصحابه، وهو كثير الحديث. مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. (يذكر الناس) بالتشديد، أي يعظهم (في كل خميس) احتمل عمل ابن مسعود مع استدلاله أن يكون اقتدى بفعل النبي حتى في اليوم الذي عينه، واحتمل أن يكون اقتدى بمجرد التخلل بين العمل والترك الذي عبر عنه بالتخول. (فقال له رجل) قال الحافظ: هذا المبهم يشبه أن يكون هو يزيد بن معاوية النخعي، وفي سياق البخاري في أواخر الدعوات ما يرشد إليه. (يا أبا عبد الرحمن) هو كنية ابن مسعود (لوددت) أي أحببت أو تمنيت. (أنك ذكرتنا في كل يوم) قاله استحلاءً للذكر لما وجد من بركته ونوره. (قال) أي ابن مسعود (أما) بمعنى "ألا" للتنية (إنه) بكسر الهمزة والضمير للشأن (يمنعنى من ذلك) أي من التذكير كل يوم (أنى أكره) بفتح الهمزة فاعل "يمنعني" أي كراهتي (أن أمِلَّكُم) بضم الهمزة وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة، أي أكره إملالكم يعني إيقاعكم في الملالة والضجر، (وإني) بكسر الهمزة عطف على "إنه" أو حال (أتخولكم) من التخول وهو التعهد وحسن الرعاية. (كما كان) الخ. الكاف للتشبيه، و"ما" مصدرية. (يتخولنا) أي يتعهدنا. والمعنى: كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ويتحرى منها ما كان مظنة القبول، ولا يفعل ذلك في كل يوم لئلا نمل ونسأم. (مخالفة السآمة) بالنصب مفعول له، أي لأجل مخافة السآمة من الموعظة. (علينا) متعلق بالسآمة على تضمين معنى المشقة، أي مخافة المشقة علينا، أو بتقدير الصفة، أي مخافة السآمة الطارئة علينا، أو الحال أي مخافة السآمة حال كونها طارئة علينا، أو بمحذوف أي مخافة السآمة شفقة علينا. وفي الحديث الاقتصاد في الموعظة لئلا تملها القلوب فيفوت المقصود. واستنبط البخاري منه التعهد والتخول بالعلم