فقيل إنها ممكنة في جميع السنة. قال الحافظ: وهو قول مشهور عن الحنفية حكاه قاضي خان وأبوبكر الرازي منهم، وروى مثله عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم وزيف المهلب هذا القول. قال الحافظ: ومأخذ ابن مسعود كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أنه أراد أن لا يتكل الناس-انتهى. وقال الزرقاني: كونها في جميع السنة قول مشهور للمالكية والحنفية، وجزم ابن الحاجب كونها مختصة برمضان رواية عن مالك-انتهى. وقال في الشرح الكبير للدردير: وفي كونها دائرة بالعام كله أو برمضان خاصة خلاف، وانتقلت على كل من القولين فلا تختص بليلة معينة في العام معينة في العام على الأول ولا في رمضان على الثاني، وقيل تختص بالعشر الأواخر من رمضان وتنتقل أيضاً. قال الدسوقي: قوله "في كونها دائرة بالعام" هو ما صححه في المقدمات حيث قال وإلى هذا ذهب مالك وأكثر أهل العلم وهو أولى الأقاويل، وقوله أو دائرة في رمضان هو الذي شهره ابن غلاب-انتهى. وقال ابن عابدين: ذكر في البحر عن الخانية أن المشهور عن الإمام (أبي حنيفة) أنها تدور في السنة كلها قد تكون في رمضان، وقد تكون في غيره، وكونها في رمضان خاصة هو قول له-انتهى. قال الشوكاني: القول بأنها ممكنة في جميع السنة مردود بكثير من الأحاديث المصرحة باختصاصها برمضان وقيل إنها مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه. قال الحافظ: وهو قول ابن عمر رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه وروى مرفوعاً عنه أخرجه أبوداود وفي شرح الهداية الجزم به عن أبي حنيفة. وقال ابن المنذر والمحاملي وبعض الشافعية، ورجحه السبكي في شرح المنهاج وحكاه ابن الحاجب رواية-انتهى. قلت وهو مقتضى كلام الحنابلة. قال ابن قدامة (ج٣ص١٧٩) يستحب طلبها في جميع ليالي رمضان، وفي العشر الأواخر آكد وفي ليالي الوتر منه آكد، وقال أحمد هي في العشر الأواخر، وفي وتر من الليالي لا يخطىء إنشاء الله-انتهى. ومقتضاه الاختصاص بالعشر الأواخر. وقيل إنها مختصة برمضان في ليلة معينة منه مبهمة ذهب إليه صاحباً أبي حنيفة. قال السروجي في شرح الهداية قول أبي حنيفة أنها تنتقل في جميع رمضان، وقال صاحباه أنها في ليلة معينة مبهمة، وكذا قال النسفي في المنظومة:
وليلة القدر بكل الشهر دائرة وعيناها فادر
قال في الدار المختار: ليلة القدر دائرة في رمضان اتفاقاً إلا أنها تتقدم وتتأخر خلافاً لهما وثمرته فيمن قال بعد ليلة منه أنت حر أو أنت طالق ليلة القدر فعنده لا يقع حتى ينسلخ شهر رمضان الآتي لجواز كونها في الأول في الأولى. وفي الآتي في الأخيرة، وقالا يقع إذا مضى مثل تلك الليلة في الآتي ولا خلاف انه لو قال قبل دخول رمضان وقع بمضيه.