للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين)) .

ــ

(في ماء وطين) علامة جعلت له يستدل بها عليها والمراد بذلك الأرض الرطبة ولعل أصله في ماء وتراب طيناً لمخالطته به مآلاً وللإيماء إلى غلبة الماء عليه (من صبيحتها) من بمعنى في كما في قوله {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: ٩] أو هي لابتداء الغاية الزمانية (فالتمسوها في العشر الأواخر) أي من رمضان (والتمسوها في كل وتر) أي من ذلك العشر يعني في أوتار ليالي العشر وأولها ليلة الحادي والعشرين إلى آخر ليلة التاسع والعشرين لا ليلة أشفاعها، ولا منافاة بينه وبين قوله التمسوها في السبع الأواخر، إذ ليس في أحدهما حصر بل في خبر الوتر زيادة تقييد السبع بالوتر (فمطرت) بفتحات (تلك الليلة) أي التي أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال القسطلاني: يقال في الليلة الماضية الليلة إلى أن تزول الشمس فيقال حينئذٍ البارحة، وفي رواية وما نرى في السماء قزعة فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد (وكان المسجد على عريش) بفتح العين وسكون الياء بعد الراء المهملة المكسورة سقف من خشب وحشيش ونحو ذلك مما يستظل به "وعلى" بمعنى الباء كما في قوله تعالى: {حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق} [الأعراف: ١٠٥] أو بمعنى "من" كما في رواية نحو قوله تعالى: {إذا اكتالوا على الناس يستوفون} [المطففين: ٢] قال الحافظ: كان على عريش أي مثل العريش، وإلا فالعريش هو نفس سقفه، والمراد أنه كان مظللاً بالجريد والخوص ولم يكن محكم البناء بحيث يكن من المطر الكثير يعني أنه لم يكن له سقف يكن من المطر ويمنعه. وقيل: أي بني على صوغ عريش وهيئته، وفي رواية للبخاري وكان (أي السقف) من جريد النخل (فوكف المسجد) أي قطر وسال ماء المطر من سقف المسجد فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال (فبصرت) بفتح الموحدة وضم الصاد المهملة (عيناي) زاده تأكيداً كقوله أخذت بيدي. وإنما يقال ذلك في أمر مستغرب إظهاراً للتعجب من حصوله (وعلى جبهته أثر الماء والطين) جملة حالية وفي رواية للبخاري انصرف من الصبح ووجهه ممتلىء طيناً وماء، وهذا يشعر بأن قوله أثر الماء والطين لم يرد به محض الأثر وهو ما يبقى بعد إزالة العين. قال الطيبي: قوله فبصرت عيناي مثل قولك أخذت بيدي ونظرت بعيني، وإنما يقال في أمر يعز الوصول إليه إظهاراً للتعجب من حصول تلك الحال الغريبة، ومن ثم أوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفعولاً وعلى جبهته حالاً منه، وكان الظاهر أن يقال رأيت على جبهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثر الماء والطين-انتهى. قال الحافظ فيه استحباب ترك الإسراع إلى إزالة ما يصيب جبهة الساجد من غبار الأرض، وقال أيضاً فيه ترك مسح جبهة المصلي والسجود على الحائل،

<<  <  ج: ص:  >  >>