أبدع بي فاحملني. فقال: ما عندي. فقال رجل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنا أدله على من يحمله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) رواه مسلم.
٢١١- (١٤) وعن جرير قال:
ــ
في شهوده بدراً فقال الأكثر: نزل ماء ببدر فنسب إليه، وجزم البخاري بأنه شهد غزوة بدر، واستدل بأحاديث أخرجها في صحيحه. وقال أبوعبيد القاسم بن سلام ومسلم في الكنى: شهد بدراً. وقال ابن البرقي: لم يذكره ابن إسحاق في البدريين. وورد في عدة أحاديث أنه شهدها. قلت: القول ما قال البخاري؛ لما يدل عليه الأحاديث الصحيحة. وروي له مائة وحديثان، اتفقا على تسعة، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بسبعة. روى عنه ابنه بشير وخلق سواه. مات بعد الأربعين بالكوفة، وقيل: بالمدينة. (أبدع بي) على بناء المفعول، يقال: أبدعت الراحلة إذا انقطعت عن السير مكلال. جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه إبداعاً عنها، أي إنشاء أمر خارج عما أعتيد منها. ويقال: أبدع بالرجل إذا كلت ركابه أو عطبت وبقي منقطعاً به. ولما حول للمفعول صار الظرف نائبه كسير بعمرو. (فاحملني) بهمزة الوصل أي أركبني واجعلني محمولاً على دابة غيرها. (فقال) - صلى الله عليه وسلم - (ما عندي) أي لا أجد ما أحملك عليه. (من دل) أي بالقول أو الفعل أو الإشارة أو الكتابة (على خير) أي علم أو عمل مما فيه أجر وثواب. (فله) أي فللدال (مثل أجر فاعله) أي من غير أن ينقص من أجره شيء، قاله القاري. وقال المناوي: فله مثل أجر فاعله أي لإعانته عليه. وهذا إذا حصل ذلك الخير وإلا فله ثواب دلالته. قال النووي: المراد أن له ثواباً بذلك كما أن لفاعله ثواباً. ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء – انتهى. وذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذا الحديث ونحوه إنما هو بغير تضعيف. وقال القرطبي: إنه مثله سواء في القدر والتضعيف؛ لأن الثواب على الأعمال إنما هو تفضل من الله، يهبه لم يشاء وعلى أي شيء صدر منه خصوصاً إذا صحت النية التي هي أصل الأعمال في طاعته عجز عن فعلها لمانع منع منها. فلا بُعد في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر والفاعل أو يزيد عليه، قال: وهذا جارٍ في كل ماورد مما يشبه ذلك الحديث، كذا في السراج المنير. (رواه مسلم) في الجهاد، وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي في العلم، وأبوداود في الأدب، وورد معناه عن ابن مسعود عند ابن حبان في صحيحه والبزارة، وعن أنس عند الترمذي والبزار وابن أبي الدنيا، وعن بريدة بن الحصيب عند أحمد والضياء، وعن سهل بن سعد عند الطبراني في الكبير والأوسط.
٢١١- قوله:(وعن جرير) بن عبد الله بن جابر البجلي القسري أبوعمرو أو أبوعبد الله اليماني، أسلم سنة عشر، وبسط له النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوباً، ووجهه إلى ذي الخلصة فهدمها. روى الشيخان وغيرهما عنه، قال: ماحجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم. وشهد فتح المدائن، وكان على ميمنة الناس يوم القادسية، ويلقب بيوسف هذه الأمة. وقال عبد الملك بن عمير: رأيت جرير بن عبد الله وكأن وجهه شقة قمر. له مائة حديث، اتفقا على ثمانية