للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، وقال سمعت أبا بكر النيسابوري يقول هذا حديث منكر لأن الثقات من أصحاب عمر ولم يذكروا فيه الصوم، منهم ابن جريج وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وغيرهم، وابن بديل ضعيف الحديث- انتهى. وقال ابن عدي: له أحاديث تنكر عليه فيها زيادة في المتن أو في الإسناد ثم يروي له هذا الحديث، وقال لا أعلم ذكر فيه الصوم مع الاعتكاف إلا من روايته- انتهى. وقال في التقريب في ترجمته: صدوق يخطئ- انتهى. فالظاهر إن زيادة الأمر بالصوم في روايته من خطأه. قال الحافظ: ورواية من روى يوماً شاذة. وقد وقع في رواية سليمان بن بلال عن عبيد الله بن عمر عند البخاري في الاعتكاف فاعتكف ليلة، فدل على أنه لم يزد على نذره شيئاً وإن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له حدٍ معين. قال وباشتراط الصيام. قال ابن عمر وابن عباس أخرجه عبد الرزاق عنهما بإسناد صحيح وعن عائشة نحوه، وبه قال مالك والأوزاعي والحنفية. واختلف عن أحمد وإسحاق- انتهى. وقال القسطلاني: هذا أي عدم اشتراط الصوم مذهب الشافعية والحنابلة، وعن أحمد أيضاً لا يصح إلا بصوم، والأول هو الصحيح عندهم وعليه أصحابهم. وقالت المالكية والحنفية: لا يصح إلا بصوم انتهى. قلت: ذهبت الشافعية إلى عدم اشتراط الصوم مطلقاً، سواءً كان الاعتكاف واجباً أو نفلاً، وهو مذهب الحنابلة إلا أن يكون نذر الاعتكاف بصوم فيجب حينئذٍ بالنذر لا بالاعتكاف. قال الخرقى: ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم. قال ابن قدامة: المشهور في المذهب إن الاعتكاف يصح بغير صوم روى ذلك عن علي وابن مسعود وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاووس والشافعي وإسحاق، وعن أحمد رواية أخرى إن الصوم شرط في الاعتكاف، قال: إذا اعتكف يجب عليه الصوم، وروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وبه قال الزهري ومالك وأبوحنيفة والليث والثوري والحسن بن حيى- انتهى. قلت: وذهبت المالكية إلى اشتراط الصوم مطلقاً سواءً كان الاعتكاف مندوباً أو واجباً فالكل عندهم سواء في ذلك، وعند الحنفية فيه تفصيل. قال الشمني: الصوم شرطٌ لصحة الاعتكاف الواجب روايةً واحدة، ولصحة التطوع (أي المندوب) رواية الحسن عن أبي حنيفة (لأن التطوع في رويته مقدر بيوم) وأما في رواية الأصل وهو قول محمد بل قيل إنه ظاهر الرواية عن الفقهاء الثلاثة فليس بشرط (بناءً على أن التطوع غير مقدر بيوم في رواية الأصل) لأن مبنى النفل على المساهلة- انتهى. وهذا هو المرجح عندهم. وأما القسم الثالث من الاعتكاف وهو المسنون المؤكد فالمتون ساكتة عن بيان حكمه، ومال ابن عابدين إلى اشتراط الصوم فيه قال: لأنه مقدر بالعشر الأخير حتى لو اعتكفه بلا صوم لمرضٍ أو سفرٍ ينبغي أن لا يصح عنه بل يكون نفلاً فلا تحصل به إقامة سنة الكفاية، ورجح ابن نجيم في البحر عدم اشتراط الصوم في هذا القسم، قلت: واحتج من ذهب إلى اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف مطلقاً بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعتكف إلا يصوم وفيه نظر لما صح عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف في

<<  <  ج: ص:  >  >>