العشر الأول من شوال ومن جملتها يوم الفطر، قال الإسماعيلي: فيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال هو يوم الفطر وصومه حرام، وأجاب العيني عن ذلك بأنه ليس فيه دليل لما قاله، لأن المراد من قوله: اعتكف في العشر الأول أي كان ابتداءه في العشر الأول فإذا اعتكف من اليوم الثاني من شوال يصدق عليه أنه ابتدأ في العشر الأول واليوم الأول منه يوم أكلٍ وشربٍ وبعال كما ورد في الحديث، والاعتكاف هو التخلي للعبادة فلا يكون اليوم الأول محلاّ له بالحديث. وقال ابن التركماني: من اعتكف الأيام التسعة من شوال يصدق عليه أنه اعتكف في العشر، وفي الصحيحين أنه عليه السلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ولم يكن يستغرق العشر كلها- انتهى. ولا يخفى ما في كلامهما من التكلف وارتكاب المجاز. واحتجوا أيضاً لذلك بحديث عائشة آخر أحاديث الفصل الثاني وسيأتي الجواب عنه هناك. واحتج بعض المالكية لذلك بقوله تعالى:{ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون بالمساجد}[البقرة:١٨٧] قال فذكر الاعتكاف عقب الصوم وتعقب بأنه ليس فيه ما يدل على تلازمهما وإلا لزم أن لا صوم إلا بالاعتكاف ولا قائل به كذا قال الحافظ: وتبعه الشوكاني ورُدّ ذلك بأنهم لم يدعوا التلازم بل مفاد كلامهم ملزومية الاعتكاف للصائم واللازم إذا كان أعم كالصوم هنا ينفرد عن الملزوم أي يوجد بدونه فسقط قوله، وإلا لزم أن لا صوم إلا باعتكاف بخلاف الملزوم الذي هو الاعتكاف لا يوجد إلا بلازمه وهو الصوم. وفيه إن مجرد ذكر الاعتكاف مع الصوم أو خطاب الصائمين في قوله:{ولا تباشروهن} لا يدل على أن الصوم لازم للاعتكاف وإن الاعتكاف لا يصح بغير صوم، فعدم اشتراط الصوم هو الحق لا، كما قال ابن القيم: إن الراجح الذي عليه جمهور السلف إن الصوم شرط في الاعتكاف. وقد روى عن علي وابن مسعود انه ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه، ويدل على ذلك حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه) رواه الدارقطني. وقال رفعه أبوبكر السوسى وغيره لا يرفعه، وأخرجه الحاكم مرفوعاً وقال صحيح الإسناد. وفي الحديث رد على من قال أقل الاعتكاف عشرة أيام أو أكثر من يوم. قال الحافظ: اتفقوا على أنه لا حَدّ لأكثره واختلفوا في أقلِّه فمن شرط فيه الصيام قال: أقله يوم، ومنهم من قال: يصح مع شرط الصيام في دون اليوم حكاه ابن قدامة (ج٣ ص١٨٧) وعن مالك يشترط عشرة أيام وعنه يوم أو يومان ومن لم يشترط الصوم، قالوا: أقله ما يطلق عليه اسم لبث ولا يشترط القعود. وقيل: يكفي المرور مع النية كوقوع عرفة، وروى عبد الرزاق عن يعلى بن أمية الصحابي إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لاعتكف- انتهى. وقال العيني: أقل الاعتكاف نفلاً