للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يمس المرأة ولا يباشرها،

ــ

الاعتكاف فينفعه شرطه في الإباحة أم ليس ينفعه ذلك، مثل أن يشترط شهود جنازة أو غير ذلك، فأكثر الفقهاء على أنه شرط لا ينفعه وإنه إن فعل بطل اعتكافه. وقال الشافعي: ينفعه شرطه، والسبب في اختلافهم تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة مانعة لكثير من المباحات، والاشتراط في الحج إنما صار إليه من رآه لحديث ضباعة، لكن هذا الأصل مختلف فيه في الحج، فالقياس عليه ضعيف عند الخصم المخالف له- انتهى. قلت: الظاهر عندنا هو قول من لم يقل بالاشتراط في الاعتكاف، لأنه لا دليل عليه من سنة صحيحة أو ضعيفة ولا من أثر صحابي ولا من قياس صحيح. والراجح عندنا: إنه لا يجوز الخروج لعيادة المريض وصلاة الجنازة وإلا كل واجباً كان الاعتكاف أو غير واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج لذلك وكان اعتكافه غير واجب. قال النووي في شرح المهذب: في الاعتكاف الواجب لا يعود مريضاً، ولا يخرج لجنازة سواءً تعينت عليه أم لا، في الصحيح، وفي التطوع يجوز لعيادة المريض وصلاة الجنائز. قال صاحب الشامل: هذا يخالف السنة فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج من الاعتكاف لعيادة المريض وكان اعتكافه نفلاً لا نذراً ذكره العيني (ج١١ص١٤٥) (ولا يمس المرأة) كذا وقع في جميع نسخ المشكاة والمصابيح والذي في سنن أبي داود امرأة وهكذا وقع في السنن للبيهقي والمعالم للخطابي وكذا ذكره الحافظ في الفتح وبلوغ المرام والمجد في المنتقى والجزري في جامع الأصول والزيلعي في نصب الراية، والظاهر إن ما في المصابيح خطأ من الناسخ ولم يتنبه لذلك المصنف بل تبعه فيه. قال الخطابي: تريد عائشة بالمس الجماع وهذا لا خلاف فيه إنه إذا جامع امرأته بطل اعتكافه (ولا يباشرها) أي فيما دون الفرج بشهوة. وقال القاري: لا يمس المرأة أي جنسها بشهوة ولا يباشرها أي لا يجامعها ولو حكماً. وقال الشوكاني: المراد بالمباشرة هنا الجماع بقرينة ذكر المس قبلها، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، ويؤيده ما روى الطبري وغيره من طريق قتادة في سبب نزول الآية يعني قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: ١٨٧] إنهم كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل لحاجته فلقي امرأته جامعها إن شاء فنزلت- انتهى. قال الحافظ: اتفقوا على فساده بالجماع حتى قال الحسن والزهري: من جامع فيه لزمته الكفارة وعن مجاهد يتصدق بدينارين، واختلفوا في غير الجماع ففي المباشرة أقوال ثالثها إن أنزل بطل وإلا فلا. وقال ابن قدامة: الوطأ في الاعتكاف محرم بالإجماع، والأصل فيه قول الله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد] فإن وطيء في الفرج متعمداً أفسد اعتكافه بإجماع أهل العلم حكاه ابن المنذر عنهم، وإن كان ناسياً فكذلك عند إمامنا (الإمام أحمد) وأبي حنيفة ومالك. وقال الشافعي: لا يفسد اعتكافه. قال ابن قدامة: ولا كفارة بالوطأ في ظاهر المذهب وهو ظاهر كلام

<<  <  ج: ص:  >  >>