ولا يخرج لحاجة، إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع)) .
ــ
الخرقي، وقول عطاء والنخعي وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري وأهل الشام والأوزاعي. ونقل حنبل عن أحمد إن عليه كفارة، وهو قول الحسن والزهري واختيار القاضي. قال واختلف هؤلاء في الكفارة: فقال القاضي يجب كفارة الظهار وهو قول الحسن والزهري وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل، وحكى عن أبي بكر إن عليه كفارة يمين، فأما المباشرة دون الفرج، فإن كانت لغير شهوة فلا بأس بها مثل أن تغسل رأسه أو تفليه أو تناوله شيئاً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدني رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجله وإن كانت عن شهوة فهي محرمة لقول الله تعالى:{ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}[البقرة: ١٨٧] ولقول عائشة السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولأنه لا يأمن إفضاءها إلى إفساد الاعتكاف، وما أفضى إلى الحرام كان حرماً فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه. وقال في الآخر يفسد في الحالين وهو قول مالك لأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كما لو أنزل، ولنا أنها مباشرة لا تفسد صوماً ولا حجاً فلم تفسد كالمباشرة لغير شهوة، وفارق التي أنزل بها لأنها تفسد الصوم ولا كفارة عليه- انتهى. (ولا يخرج لحاجة) دنيوية أو أخروية (إلا لما لا بد منه) أي إلا لحاجة لا فراق ولا محيص من الخروج لها وهو البول والغائط إذ لا يتصور فعلهما في المسجد، ولذا أجمعوا عليه بخلاف الأكل والشرب أو لأمر لا بد من ذلك الأمر وهو كناية عن قضاء الحاجة وما يتبعه من الاستنجاء والطهارة (ولا اعتكاف إلا بصوم) فيه دليل على أنه لا يصح الاعتكاف إلا بصوم وأنه شرط فيه، وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك. وأجاب من لم يقل باشتراط الصوم عن هذا الحديث بما سيأتي من الكلام عليه، وبأن المراد لا اعتكاف كاملاً أو فاضلاً إلا بصوم ذكره الطيبي (ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع) أي يجمع الناس للجماعة، وفيه دليل على أن المسجد شرط في الاعتكاف، واتفق العلماء على ذلك إلا ما روى عن بعض العلماء أنه أجازه في كل مكان. قال الحافظ: وذهب أبوحنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات، وخصه أبويوسف بالواجب منه. وأما النفل ففي كل مسجد. وقال الجمهور: بعمومه في كل مسجد إلا لمن تلزمه الجمعة، فاستحب له الشافعي في الجامع، وشرطه مالك لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة، ويجب بالشروع عند مالك وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقاً، وأومأ إليه الشافعي في القديم، وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة وعطاء بمسجد مكة والمدينة ابن المسيب بمسجد المدينة- انتهى. وقال العيني: ذهب هؤلاء أي من خص الاعتكاف بالمساجد الثلاثة مسجد مكة والمدينة والأقصى أو بمسجد مكة والمدينة إلى أن الآية خرجت على نوع من المساجد وهو ما بناه نبي لأن الآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو معتكف في مسجده فكان القصد والإشارة إلى نوع تلك المساجد مما بناه نبي،