للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلا على اثنين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً، فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار)) متفق عليه.

ــ

المجازي فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد بالحسد في هذا الحديث معناه المجازي أي لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين، وما في معناهما، وحاصله أنه لا تنبغي الغبطة في الأمور الخسيسة. وإنما تنبغي في الأمور الجليلة كالقيام بالقرآن والجود، قلت: ويؤيد إرادة الغبطة ما عند البخاري في فضائل القرآن من حديث أبي هريرة بلفظ: فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل فلان فلم يتمن الزوال والسلب بل أن يكون مثله (إلا على اثنين) أي إلا على وجود شيئين أو في أمرين. وفي رواية إلا في اثنتين وكذا في حديث ابن مسعود عند الشيخين وغيرهما، وحديث أبي هريرة عند البخاري. قال الحافظ: تقول حسدته على كذا أي على وجود ذلك له. وأما حسدته في كذا فمعناه حسدته في شأن كذا وكأنها سببية. وقال العيني بعد ذكر الروايتين: كلمة" على" تأتي بمعنى "في" كما في قوله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلة} [القصص: ١٥] وقوله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} [البقرة: ١٠٢] أي في ملكه- انتهى. ومعنى إلا في اثنتين أي لا حسد محموداً إلا في شأن خصلتين (رجل) بالجر على البدلية. وقيل: بالرفع على تقديرهما أو أحدهما أمر رجل أو خصلة رجل فلما حذف المضاف اكتسب إليه إعرابه (آتاه الله) بالمد في أوله أي أعطاه من الإيتاء، وهو الإعطاء (القرآن) أي من عليه بحفظه له كما ينبغي وبتعليمه (فهو يقوم به) المراد بالقيام به العمل مطلقاً أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها، ومن تعليمه والحكم والفتوى بمقتضاه. ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتبع ما فيه، ولفظ حديث ابن مسعود رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، واللام في "الحكمة" للعهد لأن المراد بها القرآن فلا تخالف بين لفظي الحديثين (آناء الليل وآناء النهار) قال النووي: أي ساعاتهما وواحده إناً وأناً وإني وإنو أربع لغات- انتهى. وقال في الصراح: آناء الليل ساعاته واحدها إني مثل مِعي وإمعاء وإني وإنو أيضاً. يقال: مضى إنوان وأنيان من الليل-انتهى. (ورجل) بالوجهين (آتاه الله مالاً) نكرة ليشمل القليل والكثير (فهو ينفق) أي لله في وجوه الخير ففي رواية لأحمد فهو ينفقه في الحق وفي رواية لمسلم فتصدق به، وكذا عند ابن حبان (ج١ص٢٩٠) قال فيه بيان إن قوله - صلى الله عليه وسلم - "فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار أراد به فهو يتصدق به (منه) كذا في جميع النسخ، وكذا في المصابيح وهي رواية أحمد (ج٢ص٣٦- ٨٨) والترمذي وابن حبان، والذي في صحيحي البخاري ومسلم فهو ينفقه (آناء الليل وآناء النهار) أي أوقاتهما سراً وعلانية (متفق عليه) أخرجه البخاري في

<<  <  ج: ص:  >  >>