للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٤- (٦) وعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة،

ــ

فضائل القرآن وفي التوحيد، ومسلم في فضائل القرآن وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢ص٩، ٣٦، ٨٨، ١٣٣) والترمذي في فضائل القرآن وابن ماجه في الزهد، وابن حبان (ج١ص٢٨٩، ٢٩٠) .

٢١٣٤- قوله: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن) أي ويعمل به كما في الرواية الآتية وهي زيادة مفسرة للمراد، وإن التمثيل وقع للذي يقرأ القرآن ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر ونهي لا مطلق التلاوة. وعبر بالمضارع لإفادة تكريره لها ومداومته عليها حتى صارت دأبه وعادته، كفلان يقري الضيف ويحمي الحريم ويعطي اليتيم. قال القسطلاني: إثبات القراءة في قوله يقرأ القرآن على صيغة المضارع ونفيها في قوله لا يقرأ ليس المراد منها حصولها مرة ونفيها بالكلية، بل المراد منهما الاستمرار والدوام عليها، وإن القراءة دأبه وعادته أو ليس ذلك من هجيراه كقولك فلان يقري الضيف ويحمي الحريم (مثل الأترجة) بضم الهمزة والراء بينهما مثناة ساكنة وآخره جيم مشددة مفتوحة، وفيه لغات. قال في القاموس: الأترج والأترجة والترنج والترنجة معروف، وهي أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب انتهى. قال التوربشتي: المثل عبارة عن المشابهة بغيره في معنى من المعاني لإدناء المتوهم عن المشاهد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاطب بذلك العرب ويحاورهم ولم يكن ليأتي في الأمثال بما لم تشاهده فيجعل ما أورده للتبيان مزيداً للإبهام، بل يأتيهم بما شاهدوه وعرفوه ليبلغ ما انتحاه من كشف الغطاء ورفع الحجاب، ولم يوجد فيما أخرجته الأرض من بركات السماء. لا سيما من الثمار الشجرية التي آنستها العرب في بلادهم أبلغ في هذا المعنى من الأترجة بل هي أفضل ما يوجد من الثمار في سائر البلدان الأخرى وأجدى لأسباب كثيرة جامعة للصفات المطلوبة منها والخواص الموجودة فيها، فمن ذلك كبر جرمها وحسن منظرها وطيب طعمها ولين ملمسها وذكاء أرجها تملأ الأكف بكبر جرمها ويكسيها لينا، وتفعم الخياشيهم طيباً، ويأخذ بالأبصار صبغة ولوناً فاقع لونها تسر الناظرين تتوق إليها النفس قبل التناول تفيد آكلها بعد الالتذاذ بذواقها طيب نكهة، ودباغ معدة، وقوة هضم، اشتركت الحواس الأربع دون الاحتظاء بها البصر والذوق والشم واللمس، وهذه الغاية القصوى في انتهاء الثمرات إليها وتدخل أجزاءها الأربع في الأدوية الصالحة للأدواء المزمنة. والأوجاع المقلقة والأسقام الخبيثة والأمراض الردية كالفالج واللقوة والبرص واليرقان واسترخاء العصب والبواسير (إلى آخر ما قال) . وقال الحافظ: قيل الحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي يجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة، لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصية، ويستخرج من حبهادهن له منافع وقيل: إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج، فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين، وغلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>