قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته)) .
ــ
كيفية وإن كان في القرآن أعظم منها كمية (قال الحمد لله رب العالمين) خبر مبتدأ محذوف أي هي كما صرح بها في تفسير الأنفال عند البخاري. قال القاري: أي هي سورة الحمد لله رب العالمين فلا دلالة على كون البسملة منها أم لا- انتهى. وسيأتي مزيد الكلام في ذلك (هي السبع المثاني) اللام للعهد من قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} الآية [الحجر: ٨٧] وفي هذا تصريح بأن المراد بالسبع المثاني في الآية الكريمة هو الفاتحة وهذا هو الحق، فإن قيل في الحديث السبع المثاني وفي القرآن سبعاً من المثاني. أجيب بأنه لا اختلاف بين الصيغتين إذا جعلنا من للبيان، وإنما سميت السبع لأنها سبع آيات بلا خلاف إلا أن منهم من عد أنعمت عليهم دون التسمية ومنهم من مذهبه على العكس قاله الزمخشري. قلت: الأول قول الحنفية والعكس قول الشافعي، فإنهم يعدون التسمية من الفاتحة ولا يعدون أنعمت عليهم آية. قال الطيبي: وعد التسمية أولى لأن أنعمت لا يناسب وزانه وزان فواصل السور، ولحديث ابن عباس بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. واختلف في تسميتها مثاني، فقيل لأنها تثنى على مرور الأوقات أي تكرر فلا تنقطع وتدرس فلا تندرس. وقيل: لأنها تثنى في كل ركعة أي تعاد. وقيل: لأنها تثنى بسورة أخرى أو لأنها نزلت مرة بمكة، ومرة بالمدينة تعظيماً واهتماماً بشأنها. وقيل: لأنها يثنى بها على الله تعالى. وقيل: لأنها استثنيت لهذه الأمة لم تنزل على من قبلها. والمثاني صيغة جمع، واحده مثناة، والمثناة كل شي يثنى، من قولك ثنيت الشيء ثنيا أي عطفته وضمت إليه آخر قاله القسطلاني. وقال العيني: هو جمع مثنى الذي هو معدول عن اثنين اثنين. وقيل: مثنى بمعنى الثناء كالمحمدة بمعنى الحمد. وقيل غير ذلك (والقرآن العظيم) عطف على السبع عطف صفة على صفة. وقيل: هو عطف عام على خاص. قال التوربشتي: إن قيل كيف صح عطف القرآن على السبع المثاني، وعطف الشيء على نفسه مما لا يجوز. قلت: ليس كذلك وإنما هو من باب ذكر الشيء بوصفين، أحدهما معطوف على الآخر والتقدير آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم، أي الجامع لهذين النعتين. وقال الطيبي: عطف القرآن على السبع المثاني المراد منه الفاتحة وهو من باب عطف العام على الخاص تنزيلاً للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات، وإليه أومأ صلى الله عليه وسلم بقوله ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن حيث نكر السورة وأفردها ليدل على أنك إذا تقصيت سورة في القرآن وجدتها أعظم منها، ونظيره في النسق لكن من عطف الخاص على العام من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال- انتهى. وهو معنى قول الخطابي. قال الحافظ: وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله والقرآن العظيم محذوف الخبر، والتقدير ما بعد الفاتحة مثلاً فيكون وصف الفاتحة- انتهى. بقوله هي "السبع المثاني" ثم عطف قوله والقرآن العظيم أي ما زاد على الفاتحة وذكر ذلك رعاية لنظم الآية ويكون التقدير والقرآن العظيم هو الذي أوتيته زيادة على الفاتحة- انتهى:(الذي أوتيته) إشارة إلى قوله تعالى: {ولقد آتيناك}