٢١٣٩ - (١١) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر
ــ
الآية [الحجر: ٨٧] أو خصصته بالإعطاء، وفيه دليل على جواز إطلاق القرآن على بعضه، ويدل له قوله تعالى:{بما أوحينا إليك هذا القرآن}[يوسف: ٣] يعني سورة يوسف. قال ابن التين: في قوله قال: {الحمد لله رب العالمين}[الفاتحة: ١] دليل على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست آية من القرآن كذا قال وعكس غيره لأنه السورة ويؤيده أنه لو أراد الحمد لله العالمين الآية لم يقل هي السبع المثاني، لأن الآية الواحدة لا يقال لها سبع فدل على أنه أراد بها السورة والحمد لله رب العالمين من أسمائها، وفيه قوة لتأويل الشافعي في حديث أنس، قال كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين. قال الشافعي: أراد السورة وتعقب بأن هذه السورة تسمى سورة الحمد لله ولا تسمى الحمد لله رب العالمين، وهذا الحديث يرد هذا التعقيب. قال الحافظ: وفي الحديث إن إجابة أراد المصلي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا تفسد الصلاة هكذا صرح به جماعة من الشافعية وغيرهم، وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقاً سواء كان المخطاب مصلياً أو غير مصل، إما كونه يخرج بالإجابة من الصلاة أولاً يخرج فليس من الحديث ما يستلزمه، فيحتمل أن تجب الإجابة ولو خرج المجيب من الصلاة إلى ذلك جنح بعض الشافعية، وهل يختص هذا الحكم بالنداء ويشمل ما هو أعم حتى تجب إجابته إذا سأل فيه بحث. وقد جزم ابن حبان بأن إجابة الصحابة في قصة ذي اليدين كان كذلك- انتهى. (رواه البخاري) أي بهذا اللفظ في فضائل القرآن وأخرجه أيضاً في تفسير الفاتحة والأنفال والحجر، وأخرجه أبوداود في أواخر الصلاة وابن ماجه في ثواب القرآن، والدارمي في فضائل القرآن، وأخرج أحمد والترمذي وابن خزيمة، والحاكم نحوه من حديث أبي هريرة لكن جعل القصة لأبي بن كعب كما سيأتي في الفصل الثاني. وجمع البيهقي بأن القصة وقعت لأبي بن كعب ولأبي سعيد بن المعلى. قال الحافظ: ويتعين المصير على ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما.
٢١٣٩-قوله:(لا تجعلوا بيوتكم مقابر) أي خالية عن الذكر والطاعة فتكون كالمقابر وتكونون كالموتى فيها قال التوربشتي: أي اجعلوا لبيوتكم حصة من الذكر والتلاوة والصلاة لئلا تكون كالمقابر التي تورط أهلها في مهاوي الفناء فقصرت مقدرتهم عن العمل، وذلك نظير قوله - صلى الله عليه وسلم - صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً، وقد مر الحديث مبين المعنى فيما تقدم من الكتاب- انتهى. وقيل: المعنى لا تدفنوا موتاكم فيها، ويدل على المعنى الأول قوله (إن الشيطان) استئناف كالتعليل (ينفر) بكسر الفاء أي يتباعد ويخرج ويشرد. قال النووي: هكذا