٢١٤٢- (١٤) وعن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله تعالى معك أعظم؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله تعالى معك أعظم. قلت:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال: فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر))
ــ
٢١٤٢- قوله:(يا أبا المنذر) بصيغة الفاعل كنية أبي بن كعب (أي آية) اسم إستفهام معرب لازم الإضافة، ويجوز تذكيره وتأنيثه عند إضافته إلى المؤنث (من كتاب الله تعالى معك) أي حال كونه مصاحباً لك قال الطيبي: وقع موقع البيان لما كان يحفظه من كتاب الله، لأن مع كلمة تدل على المصاحبة- انتهى. وكان رضي الله عنه ممن حفظ القرآن كله في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وكذا ثلاثة من بني عمه، (أعظم) قال إسحاق بن راهوية وغيره: هذا راجع إلى عظم أجر قاري ذلك وجزيل ثوابه أي أعظم أجراً وأكثر ثواباً (قلت الله ورسوله أعلم) فرض الجواب أولاً وأجاب ثانياً، لأنه جوز أن يكون حدث أفضلية شي من الآيات غير التي كان يعلمها، فلما كرر عليه السؤال ظن أن مراده عليه الصلاة والسلام طلب الإخبار عما عنده فأخبره بقوله (قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم) إلى آخر الآية كذا ذكره ابن حجر. قال القاري: والأولى أن يقال فرض أولاً أدباً وأجاب ثانياً طلباً، فجمع بين الأدب والإمتثال كما هو دأب أرباب الكمال، قال الطيبي: سؤاله عليه الصلاة والسلام من الصحابي قد يكون للحث على الاستماع، وقد يكون للكشف عن مقدار علمه وفهمه، فلما راعى الأدب أولاً ورآى أنه لا يكتفي به علم أن المقصود استخراج ما عنده من مكنون العلم، فأجاب. وقيل انكشف له العلم من الله تعالى ببركة تفويضه وحسن أدبه في جواب مسألته، وقال النووي قال العلماء إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والملك والقدرة والإرادة وهذه السبعة أصول الأسماء والصفات والله أعلم. (قال) أي أبي (فضرب) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (في صدري) أي محبة وتعديته بفي نظير قوله تعالى {وأصلح لي في ذريتي}[الأحقاف: ١٥] أي أوقع الصلاح فيهم حتى يكونوا محلاً له، وفيه إشارة إلى امتلاء صدره علماً وحكمة (ليهنك العلم) بلفظ الأمر الغائب بفتح التحتية وسكون الهاء وكسر النون، وفي بعض النسخ بهمزة بعد النون وهي الأصل فحذفت تخفيفاً أي ليكن العلم هنيئاً لك، يقال هنأني الطعام يهنئني ويهنأني ويهنوني، أي صار هنيئا وساغ، وتقول العرب في الدعاء ليهنئك الولد أي ليسرك، ويقال هنئي الطعام أي تهنأ به وكل أمر أتاك من غير تعب ومشقة فهو هنيء، وهذا دعاء له بتيسير العلم ورسوخه فيه، ويلزمه الإخبار بكونه عالماً وهو المقصود، وفيه منقبة عظيمة لأبي، ودليل على كثرة علمه. وفيه تبجيل العالم