٢١٤٣ - (١٥) وعن أبي هريرة، قال:((وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إني محتاج، وعليّ عيال، ولي حاجه شديدة، قال: فخليت عنه فأصبحت، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك
ــ
فضلاء أصحابه وتكنيتهم وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة، ولم يخف عليه الإعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى. (رواه مسلم) في فضائل القرآن، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥ص١٤٢) وأبوداود في أواخر الصلاة وابن أبي شيبة وزاد أحمد وابن أبي شيبة والذي نفسي بيده إن لهذه الآية {ولساناً وشفتين}[البلد: ٩] تقدس الملك عند ساق العرش.
٢١٤٣- قوله:(وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان) أي في حفظ زكاة الفطر من رمضان أي فوض إلى ذلك فالوكالة بمعناها اللغوي وهو مطلق تفويض أمر للخير. وقال الطيبي: الإضافة لأدنى ملابسة، لأنها شرعت لجبر ما عسى أن يقع في صومه تفريط فهي بمعنى اللام (فأتاني آت) كقاض (فجعل) أي طفق وشرع (يحثو) بإسكان الحاء المهملة بعدها مثلثة أي يغرف ويأخذ بكفيه، يقال حثاً يحثو وحثي يحثي (من الطعام) وكان تمراً كما في رواية النسائي وغيره (فأخذته) أي الذي حثاً من الطعام (لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي لأذهبن بك أشكوك إليه يقال رفعه إلى الحاكم، إذا أحضره للشكوى (قال إني محتاج) لما آخذه. وقيل: أي إني فقير في نفسي (وعليّ عيال) أي أنفقتهم إظهاراً لزيادة الاحتياج أو "على" بمعنى لي (ولي) وللكشمهيني وبي بالموحدة بدل اللام وكذا في جامع الأصول (حاجة) أي حاجة زائدة (شديدة) أي صعبة كموت أو نفاس أو مطالبة دين أو جوع مهلك وأمثالها مما اشتد الحاجة إلى ما أخذته، وهو تأكيد بعد تأكيد. قال الطيبي: إشارة إلى أنه في نفسه فقير وقد اضطر الآن إلى ما فعل لأجل العيال وهذا للمحتاجين. وفي رواية النسائي، فقال إنما أخذته لأهل بيت فقراء من الجن، وفي رواية الإسماعيلي ولا أعود. وفيه دلالة على جواز رؤية الجن، وأما قوله تعالى {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}[الأعراف: ٢٧] فالمعنى إنا لا نراهم على صورهم الأصلية التي خلقوا عليها لبعد التباين بيننا وبينهم في ذلك، لأنهم أجسام نارية في غاية الخفاء والاشتباه بخلاف ما إذا تمثلوا بصور أخرى كثيفة (فخليت عنه) أي تركت يقال خلى الأمر وعنه تركه وخلى سبيله أطلقه (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) لما أتيته (ما فعل) على بناء الفاعل (أسيرك) أي