الذي في آخر الزمان يدعي الألوهية، ويحتمل أن يكون للجنس فإن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس، ومنه الحديث يكون في آخر الزمان دجالون أي كذابون مموهون. وقال السيوطي في حاشية أبي داود: قال القرطبي اختلف المتأولون في سبب ذلك، فقيل لما في قصة أصحاب الكهف من العجائب والآيات فمن وقف عليها لم يستغرب أمر الدجال ولم يهله ذلك فلم يفتتن به. وقيل: لقوله تعالى: {لينذر بأساً شديداً من لدنه}[الكهف: ٢] تمسكاً بتخصيص البأس بالشدة واللدنية وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الآلهية واستيلاءه وعظم فتنته ولذلك عظم صلى الله عليه وسلم أمره وحذر عنه وتعوذ من فتنته، فيكون معنى الحديث إن من قرأ هذه الآيات وتدبرها، ووقف على معناها حذره فأمن منه. وقيل: ذلك من خصائص هذه السورة كلها، فقد روى من حفظ سورة الكهف ثم أدركه الدجال لم يسلط عليه، وعلى هذا يجتمع رواية من روى أول سورة الكهف مع رواية من روى من آخرها ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها- انتهى كلام السيوطي. واعلم أنه وقع في رواية مسلم وأبي داود من حفظ عشر آيات، وفي رواية الترمذي من قرأ ثلاث آيات كما سيأتي. فقيل: وجه الجمع بين العشر وبين الثلاث إن حديث العشر متأخر ومن عمل بالعشر فقد عمل بالثلاث، وقيل حديث الثلاث متأخر ومن عصم بالثلاث فلا حاجة إلى العشر، وهذا أقرب إلى أحكام النسخ. قال ميرك: بمجرد الاحتمال لا يحكم بالنسخ. وقال القاري: النسخ لا يدخل في الأخبار. وقيل: حديث العشر في الحفظ، وحديث الثلاث في القراءة فمن حفظ العشر وقرأ الثلاث كفى وعصم من فتنة الدجال، وفيه أنه وقع في رواية للنسائي من قرأ العشر وهي تنافي هذا الجمع. وقال الشوكاني: لا منافاة بين رواية الثلاث الآيات والعشر الآيات لأن الواجب العمل بالزيادة فيقرأ عشر آيات من أولها- انتهى. واعلم أيضاً أنه أخلف الرواة في أن العشر من أولها أو من آخرها فقال شعبة عن قتادة عند أحمد والترمذي من أول الكهف، وكذا قال هشام عنه عند مسلم وهمام عنه عند أحمد، ومسلم وأبي داود والنسائي وسعيد عنه عند أحمد وقال شعبة: عند أحمد ومسلم وأبي داود والنسائي في اليوم والليلة من آخر الكهف، وهكذا قال هشام في روايته عند أبي داود، وقد تقدم وجه الجمع في كلام السيوطي المذكور. وقال الشوكاني: وأما اختلاف الروايات بين أن تكون العشر من أولها أو من آخرها فينبغي الجمع بينهما بقراءة العشر الأوائل والعشر الأواخر، ومن أراد أن يحصل على الكمال ويتم له ما تضمنته هذه الأحاديث كلها فليقرأ سورة الكهف كلها يوم الجمعة ويقرا كلها ليلة الجمعة- انتهى. (رواه مسلم) في فضائل القرآن وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥ص١٩٦وج٦ص٤٤٦- ٤٤٩) وأبوداود في الملاحم، والنسائي في السنن الكبرى وفي اليوم والليلة، وفي الباب عن أبي سعيد أخرجه الطبراني في الأوسط. قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.