٢١٤٧- (١٩) وعنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن، قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال:{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن)) .
ــ
٢١٤٧- قوله:(أيعجز أحدكم) بكسر الجيم من باب ضرب يضرب والهمزة للإستفهام الإستخباري (قالوا وكيف يقرأ) أي أحد (ثلث القرآن) لأنه يصعب على الدوام عادة، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري فشق ذلك عليهم. وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله (قال قل هو الله أحد) أي إلى آخره أو سورته (تعدل) بالتأنيث ويجوز التذكير أي تساوي (ثلث القرآن) اختلفوا في معنى كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن فقال قوم هي ثلث باعتبار معاني القرآن لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت هي على القسم الثالث فكانت ثلثاً بهذا الاعتبار ويستأنس لهذا بما وقع في رواية لمسلم، إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزأ من أجزاء القرآن. واعترض بأنه يلزم منه أن تكون آية الكرسي وآخر الحشر كل منهما ثلث القرآن ولم يرد ذلك لكن قال أبوالعباس القرطبي: إنها اشتملت على اسمين من أسماء الله تعالى متضمنين جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور وهما الأحد الصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك إن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى سودده، فكان يرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع فضائل الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثاً- انتهى. وقال قوم المثلية محمولة على تحصيل الثواب ومعنى كونها تعدل ثلث القرآن إن ثواب قراءتها يحصل للقاري مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن وضعفه ابن عقيل فقال لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن. واحتج بحديث من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، واستدل ابن عبد البر لذلك بقول ابن راهوية ليس معناه إن من قرأها ثلاث مرات كان كمن قرأ القرآن كله هذا لا يستقيم ولو قرأها مائتي مرة. وقيل المراد ثواب قراءة قل هو الله أحد يضاعف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيف وهي دعوى بغير دليل ويؤيد الإطلاق حديث أبي الدرداء هذا وغيره مما ورد في معناه. وقيل المراد من عمل بما تضمنته من الإخلاص والتوحيد كان كمن قرأ ثلث القرآن وادعى بعضهم إن قوله "تعدل ثلث القرآن" يختص بصاحب الواقعة لأنه لما رددها في ليلته كان كمن قرأ ثلث القرآن بغير ترديد. قال القابسي: ولعل الرجل الذي جرى له ذلك لم يكن يحفظ غيرها فلذلك استقل عمله فقال له الشارع ذلك ترغيباً له في عمل الخير وإن قل. ولا يخفى ما في هذه الدعوى وقال ابن عبد البر: من لم يتأول هذا الحديث أخلص ممن أجاب فيه بالرأي.