للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها)) متفق عليه.

٢٢١٠- (٢) وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم

ــ

ههنا التوصية بتجديد العهد بقراءته لئلا يذهب عنه (لهو) اللام لتوكيد القسم أي القرآن (أشد تفصياً) بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة المشددة وتخفيف التحتية بعدها منصوب على التمييز أي أسرع تفلتاً وتخلصاً وذهاباً وخروجاً. قال التوربشتي: التفصى من الشيء التخلص منه تقول تَفَصَّيت من الديون إذا خرجت منها (من الإبل في عقلها) وفي رواية بعقلها وفي أخرى من عقلها وهي بضمتين ويجوز سكون القاف جمع عقال بكسر أوله ككتب وكتاب وهو الحبل الذي يشد به ذراع البعير، يقال عقلت البعير أعقله عقلاً إذا ثنيت وظيفة إلى ذراعه فتشدهما جميعاً في وسط الذراع وذلك الحبل هو العقال، والمعنى إن صاحب القرآن إذا لم يتعهده بتلاوته والتحفظ به والتذكر حالاً فحالاً كان أشد ذهاباً من الإبل إذا تخلصت من العقال فإنها تنفلت حتى لا تكاد تلحق. قال القرطبي: من رواه من عقلها فهو على الأصل الذي يقتضيه التعدي من لفظ التفصي ومن رواه بالباء أو بكلمة "في" يحتمل أن يكون بمعنى "من" أو بمعنى الظرف أو بمعنى المصاحبة يعني مع عقلها. والحاصل تشبيه من يتفلت منه القرآن بالناقة التي تفلتت من عقالها وبقيت متعلقة به كذا قال، والتحرير إن التشبيه وقع بين ثلاثة بثلاثة فحامل القرآن شبه بصاحب الناقة، والقرآن بالناقة والحفظ بالربط. قال الطيبي: ليس بين القرآن والناقة مناسبة لأنه قديم وهي حادثة لكن وقع التشبيه في المعنى. وفي هذا الحديث وكذا في الحديث الذي يليه زيادة على حديث ابن عمر الآتي بعدهما، لأن في حديث ابن عمر تشبيه أحد الأمرين بالآخر وفي هذا إن هذا أبلغ في النفور من الإبل لأن من شأن الإبل تطلب التفلت ما أمكنها فمتى لم يتعاهدها صاحبها برباطها تفلتت فكذلك حافظ القرآن إذا لم يتعاهده تفلت بل هو أشد في ذلك. وقال ابن بطال: هذا الحديث يوافق الآيتين قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} [المزمل: ٥] وقوله: {ولقد يسرنا القرآن للذكر} [القمر: ١٧] فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسر له ومن أعرض عنه تفلت منه. قال الطيبي: وإنما كان كذلك لأن القرآن ليس من كلام البشر بل هو من كلام خالق القوي والقدر وليس بينه وبين البشر مناسبة قريبة لأنه حادث وهو قديم لكن الله سبحانه وتعالى بلطفه العميم وكرمه القديم من عليهم ومنحهم هذه النعمة العظيمة فينبغي له أن يتعاهده بالحفظ والمواظبة عليه ما أمكنه فقد يسره تعالى للذكر وإلا فالطاقة البشرية تعجز قواها عن حفظه. وفيه وفي حديثي ابن مسعود وابن عمر الحض على محافظة القرآن بدوام دراسته وتكرار تلاوته وضرب الأمثال لإيضاح المقاصد (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ص٣٩٧، ٤١١) .

٢٢١٠- قوله: (بئس ما) "ما" نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس (لأحدهم) أي لأحد الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>