للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أن يقول نسيت آية كيت وكيت. بل نسي،

ــ

(أن يقول) هو المخصوص بالذم كقوله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله} [البقرة: ٩٠] أي بئس الشيء شيئاً كائناً لأحدهم قوله (نسيت) بفتح النون وكسر السين مخففة (آية كيت وكيت) أي آية كذا وكذا وهو بفتح التاء على المشهور وحكى الجوهري فتحها وكسرها عن أبي عبيدة. قال القرطبي: كيت وكيت يعبر بهما عن الجمل الكثيرة، والحديث الطويل. وأطلق ههنا باعتبار كون الآية مشتملة على مضمون جملة وإلا فالظاهر آية كذا وكذا (بل نسى) بضم النون وتشديد المهملة المكسورة. قال القرطبي: رواه بعض رواة مسلم مخففاً. قال الحافظ: وكذا هو في مسند أبي يعلى وكذا أخرجه ابن أبي داود في كتاب الشريعة من طرق متعددة مضبوطة بخط موثوق به على كل سين علامة التخفيف. قلت: (قائله الحافظ) والتثقيل هو الذي وقع في جميع الروايات في البخاري وكذا في أكثر الروايات في غيره ويؤيده ما وقع في رواية أبي عبيد في الغريب بعد قوله كيت وكيت ليس هو نسى ولكنه نسى الأول بفتح النون وتخفيف السين، والثاني بضم النون وتثقيل السين. قال الخطابي: نُسيّ يعني عوقب بالنسيان على ذنب كان منه أو على سوء تعهده بالقرآن حتى نسيه. وقال القرطبي: التثقيل معناه إنه عوقب بوقوع النسيان عليه لتفريطه في معاهدته واستذكاره قال: ومعنى التخفيف إن الرجل ترك غير ملتفت إليه وهو كقوله: {نسوا الله فنسيهم} [التوبة: ٦٧] أي تركهم في العذاب أو تركهم من الرحمة. وقال في اللمعات: بئس ما لأحدهم الخ أي بئس شيئاً كائناً لأحدهم قوله نسيت آية "كيت وكيت" فإنه يشعر بتركه وعدم مبالاته بها بل يقول نسي بلفظ المجهول من التفعيل تحسُّراً أو إظهاراً للخذلان على تقصيره في إحراز هذه السعادة وحفظها أو تحرزاً عن التصريح بارتكاب المعصية وتأدباً مع القرآن العظيم- انتهى. وأعلم أنه اختلف في متعلق الذم من قوله بئس على أوجه ذكرها الحافظ في الفتح وأرجحها عنده إن سبب الذم ما فيه من الأشعار بعدم الاعتناء بالقرآن إذ لا يقع النسيان إلا بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بالتلاوة والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره، فإذا قال الإنسان نسيت الآية الفلانية فكأنه شهد على نفسه بالتفريط فيكون متعلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد لأنه الذي يورث النسيان. وقال عياض: أولى ما يتأول عليه الحديث ذم الحال لا ذم القول أي بئست الحالة حالة من حفظ القرآن فغفل عنه حتى نسيه. وقد عقد البخاري في صحيحه باب نسيان القرآن وهل يقول نسيت آية كذا وكذا، ثم أورد فيه حديث عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا. قال الحافظ: وفي رواية معمر عن هشام عند الإسماعيلي كنت نسيتها بفتح النون ليس قبلها همزة. ثم ذكر البخاري حديث ابن مسعود هذا الذي نحن في شرحه. قال الحافظ: كأنه يريد أي بهذه الترجمة إن النهي عن قول نسيت آية كذا وكذا ليس للزجر عن هذا اللفظ بل للزجر عن تعاطي أسباب النسيان المقتضية لقول هذا اللفظ. ويحتمل أن ينزل المنع

<<  <  ج: ص:  >  >>