للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من ضعفاء المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العرى، وقاري يقرأ علينا إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت القاري فسلم، ثم قال: ما كنتم تصنعون. قلنا: كنا نستمع إلى كتاب الله فقال: الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم قال فجلس وسطنا ليعدل بنفسه فينا. ثم قال: بيده هكذا فتحلقوا

ــ

وكذلك من الخيل والطير (من ضعفاء المهاجرين) يعني أصحاب الصفة (ليستتر) بلام التأكيد المفتوحة من الاستتار (من العرى) أي من أجله بضم العين وسكون الراء أي من كان ثوبه أقل من ثوب صاحبه كان يجلس خلف صاحبه تستراً به، والمقصود بيان فقرهم واحتياجهم وإنه لم يكن على أبدانهم ثياب تكفي للتستر ومن أجل ذلك كان يجلس بعضهم خلف بعض ليحصل الاستتار. وقيل: المراد العرى مما عدا العورة فالتستر لمكان المروءة فإنها لا تسمح بانكشاف ما لا يعتاد كشفه (وقاري يقرأ علينا) القرآن لنستمع ونتعلم (إذ جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إذ للمفاجأة (فقام علينا) أي وقف يعني كنا غافلين عن مجيئه فنظرنا فإذا هو قائم فوق رؤسنا يستمع إلى كتاب الله (سكت القاري) أي تأدباً لحضوره وانتظاراً لما يقع من أموره (فسلم) أي فلما سكت القاري سلم الرسول واستدل بذلك على كراهة السلام على قاري القرآن لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسلم عليهم إلا إذا سكت القاري فتأمل, (ما كنتم تصنعون) إنما سألهم مع علمه بهم ليجيبهم بما أجابهم مرتباً على حالهم (قلنا كنا نستمع إلى كتاب الله) في أبي داود. قلنا: يا رسول الله! أنه كان قاري لنا يقرأ علينا فكنا نستمع إلى كتاب الله أي إلى قراءته أو إلى قارئه (جعل من أمتي من أمرت) بصيغة المجهول (أن أصبر نفسي معهم) أي أحبس نفسي معهم إشارة إلى قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: ٢٨] أراد به زمرة الفقراء الملازمين لكتاب الله المتوكلين على الله المقربين عند الله (قال) أي أبوسعيد (فجلس) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وسطنا) بسكون السين وقد يفتح أي بيننا لا بجنب أحدنا (ليعدل) بكسر الدال أي ليسوى (بنفسه) أي نفسه الكريمة بجلوسه (فينا) أي يسوى نفسه ويجعلها عديلة مماثلة لنا بجلوسه فينا تواضعاً ورغبة فيما نحن فيه. قال الطيبي: أي ليجعل نفسه عديلاً ممن جلس إليهم ويسوى بينه وبين أولئك الزمرة رغبة فيما كانوا فيه وتواضعاً لربه سبحانه وتعالى- انتهى. وقيل: معناه جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وسط الحلقة ليسوى بنفسه الشريفة جماعتنا ليكون القرب من النبي صلى الله عليه وسلم لكل رجل منا سواءً أو قريباً من السواء يقال عدل فلان بفلان سوى بينهما (ثم قال) أي أشار (بيده هكذا) أي أجلسوا حلقاً (فتحلقوا) أي قبالة وجهه عليه الصلاة والسلام دل عليه قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>