للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وبرزت وجوههم له، فقال: أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين: بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم وذلك خمسمائة سنة)) .

ــ

(وبرزت) أي ظهرت (وجوههم له) بحيث يرى عليه الصلاة والسلام وجه كل أحد منهم قاله القاري. وقال الجزري: تحلقوا أي صاروا حلقة مستديرة (أبشروا) أمر من الابشار أي افرحوا (يا معشر صعاليك المهاجرين) بفتح الصاد المهملة أي جماعة الفقراء من المهاجرين الصابرين جمع صعلوك بضم الصاد وهو الفقير (بالنور التام يوم القيامة) تلميح إلى قوله تعالى: {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} [التحريم: ٨] (تدخلون الجنة) استئناف فيه معنى التعليل (قبل أغنياء الناس) أي الشاكرين المؤدين حقوق أموالهم بعد تحصيلها مما أحل الله لهم فإنهم يوقفون في العرصات للحساب من أين حصلوا المال وفي أين صرفوه (وذلك) أي نصف يوم القيامة (خمس مائة سنة) لقوله تعالى: {وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون} [الحج: ٤٧] وإما في قوله تعالى: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} [المعارج: ٣] فمخصوص بالكافرين {فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير} [المدثر: ٩] وروى أحمد ومسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً أي سنة. ووجه الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد أن يقال المراد بكل من العددين إنما هو التكثير لا التحديد فتارة عبر به وأخرى بغيره تفنناً ومألهما واحداً أو أخبر أو لا بأربعين كما أوحى إليه ثم أخبر بخمس مائة عام زيادة من فضله على الفقراء ببركته - صلى الله عليه وسلم - أو التقدير بأربعين خريفاً إشارة إلى أقل المراتب وبخمسمائة عام إلى أكثرها. ويدل عليه ما رواه الطبراني عن مسلمة بن مخلد ولفظه سبق المهاجرون الناس بأربعين خريفاً إلى الجنة ثم يكون الزمرة الثانية مائة خريف، فالمعنى أن يكون الزمرة الثالثة مائتين وهلم جراً، وكأنهم محصورون في خمس زمر أو الاختلاف باختلاف مراتب أشخاص الفقراء في حال صبرهم ورضاهم وشكرهم وهو الأظهر المطابق لما في جامع الأصول (ج٥ص٤٨٦) حيث قال وجه الجمع بينهما إن الأربعين أراد به تقدم الفقير الحريص على الغني الحريص وأراد بخمسمائة تقدم الفقير الزاهد على الغني الرغب فكان الفقير الحريص على درجتين من خمس وعشرين درجة من الفقير الزاهد. وهذه نسبة الأربعين إلى الخمسمائة ولا تظنن إن هذا التقدير وأمثاله يجري على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم جزافاً ولا بالاتفاق بل لسر أدركه ونسبة أحاط بها علمه فإنه لا ينطق عن الهوى، فإن فطن أحد من العلماء إلى شي من هذه المناسبات وإلا فليس طعناً في صحتها- انتهى. وقال العلقمي: ويمكن الجمع بينهما بأن سباق الفقراء يسبقون سباق الأغنياء بأربعين عاماً وغير سباق الأغنياء بخمسمائة عام إذ في كل صنف من الفريقين سباق. وقال بعض المتأخرين: يجمع بأن هذا السبق يختلف بحسب أحوال الفقراء والأغنياء فمنهم من يسبق بأربع، ومنهم من يسبق بخمسمائة كما يتأخر مكث

<<  <  ج: ص:  >  >>