يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه
ــ
ابن أسد القرشي الأسدي صحابي ابن صحابي وكان إسلامهما يوم الفتح وكان هشام من فضلاء الصحابة وخيارهم ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ذكر الزهري أن عمر بن الخطاب كان يقول إذا بلغه أمر ينكره أما ما بقيت أنا وهشام بن حكيم فلا يكون ذلك، قال كان هشام بن حكيم في نفر من أهل الشام يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ليس لأحد عليهم إمارة. قال مالك: كانوا يمشون في الأرض بالإصلاح والنصيحة، قال وكان هشام بن حكيم كالسائح لم يتخذ أهلاً ولا ولداً. قال ابن سعد: وكان رجلاً مهيباً مات قبل أبيه، ووهم من زعم أنه استشهد باجنادين. قال الحافظ ليس له في البخاري رواية وأخرج له مسلم حديثاً واحداً مرفوعاً من رواية عروة عنه وهذا يدل على أنه تأخر إلى خلافة عثمان وعلي، ووهم من زعم أنه استشهد في خلافة أبي بكر أو عمر (يقرأ سورة الفرقان) أي في الصلاة كما في رواية أحمد (ج١ص٤٠)(على غير ما أقرأها) أي من القراءة (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو الذي (أقرأنيها) أي سورة الفرقان، وهذه رواية مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر بن الخطاب، وفي رواية عقيل عن ابن شهاب يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن البر: في هذه الرواية بيان أن اختلافهما كان في حروف من السورة لا في السورة كلها، وهي تفسير لرواية مالك لأن سورة واحدة لا تقرأ حروفها كلها على سبعة بل لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا قليل (فكدت أن أعجل عليه) بفتح الهمزة وسكون العين وفتح الجيم. قال القسطلاني: ولأبي ذر في نسخة بضم الهمزة وفتح العين وتشديد الجيم المكسورة أي أن أخاصمه وأظهر بوادر غضبي عليه، وقيل كدت أن أعجل عليه أي في الإنكار عليه والتعرض له. قال ابن البر: فيه دليل على تشددهم في أمر القرآن واهتمامهم بحفظ حروفه ولغاته وضبطهم لقراءته المنسوبة حتى بلغ ذلك لهم إن كاد عمر يعجل على هشام بن حكيم في صلاته (ثم أمهلته حتى انصرف) قال العيني: كالكرماني أي من القراءة وفيه نظر، فإن في رواية عقيل عن ابن شهاب "فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم" فيكون المراد هنا حتى انصرف من الصلاة (ثم لببته) بفتح اللام وموحدتين الأولى مشددة، والثانية ساكنة مأخوذ من اللبة بفتح اللام وهي المنحر يقال لببت الرجل بالتشديد تلبيباً إذا جمعت ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جررته (برداءه) أي جمعته في موضع لبته أي عنقه وأمسكته وجذبته به، ووقع في سنن أبي داود "فلببته بردائي" فيمكن الجمع بأن التلبيب وقع بالردائين جميعاً وكان هذا من عمر على عادته في الشدة بالأمر بالمعروف وفعل ذلك عن اجتهاد منه