والروم والإشمام والتسهيل والنقل والإبدال مما يعبر عنه بالأصول فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى، لأن هذه الصفات المتنوعة في أداءه لا تخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً ولئن فرض فيكون من الأول - انتهى. ومنها إن المراد بها سبعة أصناف من الكلام أي سبعة أنواع كل نوع منها جزء من أجزاء القرآن. والقائلون به اختلفوا في تعيين السبعة. فقيل أمر ونهى ووعد ووعيد وقصص وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، واحتجوا بما أخرجه أبوعبيد والحاكم والطحاوي والبيهقي من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا {آمنا به كل من عند ربنا}[آل عمران: ٧] وقد صححه ابن حبان والحاكم وفي تصحيحه نظر لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود. قال الذهبي بعد ذكر تصحيح الحاكم: قلت منقطع. وقال الطحاوي: كان أهل العلم يدفعون هذا الإسناد بانقطاعه، لأن أبا سلمة لا يتهيأ في سنه لقاء عبد الله ابن مسعود ولا أخذه إياه عنه، وقال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت لأنه لم يلق أبوسلمة بن عبد الرحمن ابن مسعود، فالحديث ضعيف والقول المبني عليه فاسد. وقد رده قوم من أهل النظر منهم أبوجعفر أحمد بن أبي عمران وابن عطية والماوردي والمازري وأطنب الطبري في مقدمة تفسيره في الرد على من قال به، وحاصله إنه يستحيل أن يجتمع في الحرف الواحد هذه الأوجه السبعة، ومن أراد البسط فليرجع إليه وإلى الفتح والإتقان وسنذكر شيئاً منه في شرح حديث ابن عباس من هذا الفصل. ومنها إن المراد بها سبع قراءات روى ذلك عن الخليل بن أحمد وتعقب بأنه لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا القليل مثل عبد الطاغوت {فلا تقل لهما أف}[الإسراء: ٢٣] وأجيب بأن المراد إن كل كلمة تقرأ بوجه أو وجهين أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة، ويشكل على هذا إن في الكلمات ما قري على أكثر كذا في الإتقان. وقال القسطلاني: هذا القول أضعف الوجوه فقد بين الطبري وغيره إن اختلاف القراء إنما هو حرف واحد من الأحرف السبعة. ومنها إن المراد بها الاختلاف في كيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإمالة وإشباع ومد وقصر وتليين وتحقيق وتشديد وتخفيف، لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه فيسر الله تعالى عليهم ليقرأ كل إنسان بما يوافق لغته ويسهل عليه، ذكره النووي في شرح مسلم. وقال الطيبي: هو أصح الأقوال وأقربها إلى معنى الحديث- انتهى. قال القاري بعد ذكره عن شرح مسلم: وفيه إن هذا ليس على إطلاقه فإن الإدغام مثلاً في مواضع لا يجوز الإظهار فيها، وفي مواضع لا يجوز الإدغام فيها، وكذلك البواقي- انتهى. ومن شاء الوقوف على بقية الأقوال رجع إلى الإتقان. تنبيهات الأول قد تقدم في بيان