ما يخالف الخط امتثالاً لأمر عثمان الذي وافقه عليه الصحابة لما رأو في ذلك من الاحتياط للقرآن. فمن ثم نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار مع كونهم متمسكين بحرف واحد من السبعة. وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يقرأ بها اليوم وصحت رواياتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ثم ساق نحو ما تقدم قال، وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطاً عظيماً قال، ويلزم من هذا إن ما خرج من قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة غيرهم ووافق خط المصحف أن لا يكون قرآناً وهذا غلط عظيم- انتهى. وقد بسط الحافظ الكلام في هذا في الفتح (ج٢ص٤٣١، ٤٣٢) فعليك أن تراجعه فإنه مفيد جداً الخامس وهو تتمة الرابع قال أبوشامة المقدسي: قد اختلف السلف في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن هل مجموعة في المصحف الذي بأيدي الناس اليوم أو ليس فيها الأحرف واحد منها، مال ابن الباقلاني إلى الأول وصرح الطبري، وجماعة بالثاني: قال الحافظ وهو المعتمد قال: والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه بعض ما اختلف فيه الأحرف السبعة لا جميعها قال، وما عدا ذلك من القراءات مما لا يوافق الرسم فهو مما كانت القراءة جوزت به توسعه على الناس وتسهيلاً، فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان وكفر بعضهم بعضاً اختار الاقتصار على المأذون في كتابته وتركوا الباقي. قال الطبري: وصار ما اتفق عليه الصحابة من الاقتصار كمن اقتصر مما خير فيه على خصلة واحدة لأن أمرهم بالقراءة على الأوجه المذكورة لم يكن على سبيل الإيجاب بل على سبيل الرخصة، قال الحافظ: ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب {فاقرؤا ما تيسر منه}[المزمل: ٢٠] وقد قرر الطبري ذلك تقريراً أطنب فيه ووهّى من قال بخلافه ووافقه على ذلك جماعة، منهم أبوالعباس بن عمار في شرح الهداية، وقال أصح ما عليه الحذاق إن الذي يقرأ الآن بعض الحروف السبعة المأذون في قراءتها لا كلها إلى آخر ما قال (فاقرؤا ما تيسر منه) أي من أنواع القراءات بخلاف قوله تعالى {فاقرؤا ما تيسر منه} فإن المراد به الأعم من المقدار والجنس والنوع قاله القاري. وقال القسطلاني: أي من الأحرف المنزل بها فالمراد بالتيسير في الآية غير المراد به في الحديث، لأن الذي في الآية المراد به القلة والكثرة، والذي في الحديث ما يستحضره القاري من القراءات فالأول من الكمية والثاني من الكيفية. وقال الحافظ: قوله" منه" أي من المنزل (بالسبعة) وفيه إشارة إلى الحكمة في التعدد المذكور، وإنه للتيسير على القاري وهذا يقوى قول من قال المراد بالأحرف تأدية المعنى باللفظ المرادف، ولو كان من لغة واحدة، لأن لغة هشام بلسان قريش، وكذلك عمرو، مع ذلك فقد اختلف قراءتهما نبه على ذلك ابن عبد البر- انتهى (متفق عليه) أي معنى (واللفظ لمسلم) أخرجه مسلم بهذا اللفظ في فضائل القرآن عن يحيى بن يحيى عن مالك عن ابن شهاب، وأخرجه البخاري في