فرد إلى الثانية: أقرأه على حرفين: فرددت إليه: أن هون على أمتي، فرد إلى الثالثة: أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي،
ــ
القاري "أن" مصدرية ولا يضر كون مدخولها أمراً، لأنها تدخل عليه عند سيبويه، أو مفسرة لما في رددت من معنى القول يقال رد إليه إذا رجع قلت قال الأبي: إن مفسرة لأن رددت في معنى القول وهو رجع أي فرجعت إليه القول إن هوّن من معنى قوله في الحديث الآخر (عند مسلم) فقلت اسأل الله معافاته ومغفرته (فرد إلى الثانية) ماض مجهول أو معلوم أي رد الله إلى إلإرسالة الثانية (اقرأه) بصيغة الأمر أو المتكلم وهو بدون إن في جميع النسخ الحاضرة من المشكاة، وفي مسلم إن أقرأه أي بإثبات أن وكذا نقله في جامع الأصول (ج٣ص٣٤) وهكذا وقع في مسند الإمام أحمد والسنن للبيهقي. (فرد إلى الثالثة أقرأه على سبعة أحرف) كذا في هذه الرواية، وهي رواية عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبي بن كعب، ووقع في طريق مجاهد عن ابن أبي ليلي عند مسلم أيضاً بعده ثم جاءه الرابعة، فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أن أمتك القرآن على سبعة أحرف. قال النووي: هذا مما يشكل معناه. وأقرب ما يقال في الجمع بين الروايتين إن قوله في الرواية الأولى "فرد إلى الثالثة" المراد بالثالثة الأخيرة وهي الرابعة فسماها ثالثة مجازاً، وحملنا على هذا التأويل تصريحه في الرواية الثانية إن الأحرف السبعة إنما كانت في المرة الرابعة وهي الأخيرة ويكون قد حذف في الرواية الأولى أيضاً بعض المرات- انتهى (ولك بكل ردة رددتكها) قال النووي: هذا يدل على سقط في الرواية الأولى ذكر بعض الرواة الثلاث وقد جاءت مبينة في الرواية الثانية- انتهى. أي لك بمقابلة كل دفعة رجعت إلى ورودتكها بمعنى أرجعتك إليها بحيث ما هونت على أمتك من أول الأمر (مسألة تسألنيها) أي إجابة مسألة أي مسألة كانت. وقال النووي: معناه مسألة مجابة قطعاً. وأما باقي الدعوات فمرجوة ليست قطعية الإجابة. وقال الأبي تقدم (أي في كتاب الإيمان) ما في حديث لكل نبي دعوة إن معناه إن تلك الدعوة محققة الإجابة وإن غيرها على الرجاء وإن كونها محققة الإجابة لا يمنع من قبول غيرها ومن قبول غيرها هذا الحديث، لأنه لو لم تكن الأولى والثانية هنا مقبولتين لم يكن لقوله لك بكل ردة مسألة فائدة. وقال الطيبي: أي ينبغي لك أن تسألنيها فأجيبك إليها (اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي) قالها مرتين قيل: الأولى لأهل الكبائر والأخرى لأهل الصغائر. وقيل: بالعكس. وقيل: لما انقسم المحتاج إلى المغفرة من أمته إلى مُفَرِّط ومُفْرِط استغفر صلى الله عليه وسلم للمقتصد المَفّرِّط في الطاعة وأخرى للظالم المفرط في المعصية، أو الأولى للخواص لأن كل أحد لا يخلو عن تقصير ما في حقه تعالى كما قال تعالى:{كلا لما يقض ما أمره}