للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ــ

أن استحر (بالقراء) متعلق بالفعل أو القتل (بالمواطن) أي في المواطن أي الأماكن التي يقع فيها القتال مع الكفار، وفي رواية سفيان وأنا أخشى أن لا يلقى المسلمون زحفاً آخر إلا استحر القتل بأهل القرآن. قال الطيبي قوله " أخشى أن استحر القتل" أي أخشى استحراره. والمراد الزيادة على ما كان يوم اليمامة، لأن الخشية إنما تكون مما لم يوجد من المكاره فقوله (إن استحر" مفعول أخشى، والفاء في "فيذهب" للتعقيب، ويحتمل أن يكون إن بالكسر، والجملة الشرطية دالة على مفعول أخشى (فيذهب كثير من القرآن) بقتل حفظته أي إلا أن يجمعوه قبل أن يقتل الباقون. قال القاري: قوله "فيذهب" في بعض النسخ بالنصب، وهو ظاهر لفظاً ومعنى عطفاً على استحر على أن إن مصدرية وهي الرواية الصحيحة، وفي أكثر النسخ المصححة المقروءة على المشائخ بالرفع مع فتح الهمزة في أن، فقيل رفعه على أنه جواب شرط محذوف أي فإذا استحر فيذهب، أو عطف على محل إني أخشى أي فيذهب حينئذ كثير من القرآن بذهاب كثير من قراء الزمان – انتهى. قال الحافظ: هذا يدل على أن كثيراً ممن قتل في وقعة اليمامة كان قد حفظ القرآن لكن يمكن أن يكون المراد إن مجموعهم جمعة لا أنه كل فرد فرد جمعه (وإن أرى أن تأمر) من الرأي أي أذهب إلى أن تأمر كتبه الوحي (بجمع القرآن) قبل تفرق القراء (قلت) خطاب أبي بكر لعمر حكاه ثانياً لزيد بن ثابت لما أرسل إليه وهو كلام من يؤثر الإتباع وينفر من الابتداع أي قال أبوبكر قلت (لعمر كيف تفعل) بصيغة الخطاب، وقيل بالتكلم أي أنت أو نحن، وفي رواية كيف أفعل (شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا لا ينافي ما ذكره الحاكم في مستدركه جمع القرآن ثلاث مرات، إحداها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخرج بسند على شرط الشيخين عن زيد كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - نؤلف القرآن في الرقاع – الحديث. لأن ذلك الجمع غير الجمع الذي نحن فيه، ولذا قال البيهقي: يشبه أن يكون المراد تأليف ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم كذا في المرقاة. قال الحافظ في الفتح قال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - إنما لم يجمع القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته - صلى الله عليه وسلم - ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاء لوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية زادها الله شرفاً، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر. ويؤيده ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بإسناد حسن عن عبد خير قال سمعت علياً يقول: أعظم الناس في المصاحف أجراً أبوبكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله. وأما ما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد قال: ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن)) – الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>