للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٩- (٤٢) وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قوماً يتدارؤن في القرآن، فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض. وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه)) رواه أحمد، وابن ماجه.

ــ

٢٣٩- قوله: (يتدارؤن) أي يتمارون (في القرآن) بأن يدفع كل قول صاحبه بما يقع له من القول. قال الشاه ولي الله: يحرم التدارؤ بالقرآن وهو أن يستدل واحد بآية فيرده بآية أخرى طلباً لإثبات مذهب نفسه وهدم وضع صاحبه، أو ذهاباً إلى نصرة مذهب بعض الأئمة على مذهب بعض، ولا يكون جامع الهمة على ظهور الصواب، والتدارؤ بالسنة مثل ذلك. قال المظهر: مثاله قول أهل السنة: الخير والشر من الله تعالى. لقوله تعالى: {قل كل من عند الله} [٧٨:٤] ، ويدفعه القدري بقوله: {ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [٧٩:٤] ، فنهوا. فالطريق أن يؤخذ ما أجمعوا عليه ويأول الآية الأخرى، كما نقول: انعقد الإجماع على أن الكل بتقدير الله، وأما قوله: {ما أصابك من سيئة} فخارج عن مسئلة القضاء والقدر، فإن معناه: ما أصابك من هزيمة وتلف مال ومرض فهو جزاء ما عملت من الذنوب، كما قال: {وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيدكم ويعفوا عن كثير} [٣٠:٤٢] . (إنما هلك من كان قبلكم بهذا) بسبب التدارؤ، أو بمثل هذا الإختلاف، و"ضربوا" بيان له يعني فيحرم التدارؤ بالقرآن. (ضربوا كتاب الله) أي جنسه (بعضه ببعض) أي دفعوا بعضه ببعض، وردوا ما لا يوافق مرادهم. وقيل: صرفوا بعضه ببعض عن المعنى المراد منه إلى أهوائهم، من ضرب الدابة إذا أراد صرفها. (وإنما نزل كتاب الله) المراد به الجنس. (فلا تكذبوا بعضه ببعض) بل قولوا: كل ما أنزله الله على رسوله حق. أو بأن تنظروا إلى ظاهر لفظين منه مع عدم النظر إلى القواعد التي تصرف أحدهما عن العمل بنسخه أو بتخصيصه أو تقييده أو تأويله، فإن ذلك يؤدى على قدح في الدين. (فما علمتم منه) أي علماً موافقاً للقواعد (فقولوا) به. (وما جهلتم) أي منه كالمتشابهات وغيرها. (فكِلوه) بكسر الكاف أمر من وكل يكل أي ردوه وفوضوه. (إلى عالمه) وهو الله تعالى، أو من هو أعلم منكم من العلماء، ولا تلقوا معناه من تلقاء أنفسكم. (رواه أحمد) (ج٢:ص١٨٥) من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. (وابن ماجه) في باب القدر من السنة نحوه من طريق أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، وقد أشار إليه المصنف في الفصل الثاني من باب الإيمان بالقدر بعد ذكر حديث أبي هريرة، وأخرجه أيضاًالبيهقي في شعب الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>