للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٠- (٤٣) وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع))

ــ

٢٤٠- قوله: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) وفي رواية ثلاثة أحرف وفي أخرى عشرة أحرف. وأجيب بأنه أخبر أولاً بالقليل ثم بالكثير. وقوله: "على سبعة أحرف" حال لا صلة "أنزل" أي أنزل القرآن حال كونه مشتملاً على سبعة أحرف، والحرف لغة: طرف كل شيء. وبه سمي حروف الهجاء؛ لأنها أطراف الكلمة. واختلفوا في معنى الحديث على أربعين قولاً، ذكرها السيوطي في الإتقان مع العزو لقائليها، وأكثرها غير مختار، والظاهر عندنا - والله أعلم بمراد كلام نبيه - أن عدد السبعة فيه للتحديد والتعيين، لا للتكثير والتوسعة، والمعنى أن القرآن أنزل على سبعة أوجه، يجوز أن يقرأ بكل وجه منها، وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه، بل المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد القراءات المفرقة في القرآن أو في الكلمة الواحدة منه إلى سبعة، وأما ما يوجد من بعض الكلمات يقرأ على أكثر من سبعة أوجه فهو مما لا يثبت الزيادة. وكان اختلاف هذه الأحرف السبع المقصورة على السماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهات: منها تغيير اللغة وإبدال اللفظ بمرادفه. ومنها الاختلاف في كيفية الأداء والنطق. ومنها زيادة لفظ ونقصه. ثم إن الأحرف السبع المشهورة التي يقرأها الناس اليوم هي حرف واحد من الأحرف السبع المذكورة في الحديث المباحة للتيسير على الناس في أول الأمر، قد أجمع الصحابة في عهد عثمان على ترك الستة منها لفقدان الحاجة إليها، ولرفع الخلاف الذي وقع في الناس بإنكار بعضهم قراءة بعض، وتكفير كل من الفريقين الآخر، واتفقوا على لغة قريش بعد ما جمعه زيد بن ثابت بأمر عثمان، لما لم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل حرام، وهي التي استقر الأمر عليها في العرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبريل، والمصاحف العثمانية مشتملة عليها جامعة لها، فلا يجوز الآن القراءة بخلافها؛ لما أنه لم ينقل إليها بالتواتر، هذا. وههنا أبحاث طويلة مفيدة ارجع لها إلى عارضة الأحوذي وفتح الباري وتفسير الحافظ ابن جرير. (لكل آية منها) أي من تلك الأحرف السبعة، والجملة الاسمية صفة لسبعة والضمير رابطة. (ظهر وبطن) وفي رواية الطبراني: لكل حرف منها ظهر وبطن. قيل: الظهر ما ظهر معناه لأهل العلم من غير روية، والبطن بخلافه. وقيل: الظهر ما يبينه التفسير أي النقل والرواية، والبطن ما يستكشفه التأويل أي الفهم والدراية. وقيل: الظهر القراءة والتلاوة، والبطن التدبر والفهم. وقيل: الظهر الإيمان به والعمل بمقتضاه، والبطن التفاوت في فهمه. وقال الشاه ولي الله: أكثر ما في القرآن بيان صفات الله تعالى وآياته، والأحكام، والقصص، والاحتجاج على الكفار، والموعظة بالجنة والنار، فالظهر الإحاطة بنفس ما سبق الكلام له، والبطن في آيات الصفات التفكر في آلاء الله والمراقبة، وفي آيات الأحكام الاستنباط بالإيماء والإشارة والفحوى والاقتضاء، وفي القصص معرفة مناط الثواب والمدح أو العذاب والذم، وفي العظة رقة القلب وظهور الخوف والرجاء وأمثال ذلك. (ولكل حد مطلع) وفي رواية الطبراني "ولكل حرف

<<  <  ج: ص:  >  >>