١- عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات،
ــ
١- قوله (عن عمر بن الخطاب) هو أبوحفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي المدني، يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي. أحد فقهاء الصحابة، ثاني الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد ضجيعي المصطفى، وأول خليفة دعي "أمير المؤمنين"، أسلم سنة ست من النبوة، وقيل: سنة خمس بعد أربعين رجلاً، وإحدى عشرة امرأة، ويقال: به تمت الأربعون، ظهر الإسلام بإسلامه، وسمي "الفاروق" لذلك، شهد بدراً والمشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولي الخلافة بعد أبي بكر بعهده إليه ونصه عليه. وله مشاهد في الإسلام وفتوحات مشهورة في العراق والشام، عن ابن عمر مرفوعاً:((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)) ، ولما دفن قال ابن مسعود: ذهب اليوم بتسعة أعشار العلم، وكان أشدهم في أمر الله، له خمسمائة وتسعة وثلاثون حديثاً، اتفقا على عشرة، وانفرد البخاري بتسعة، ومسلم بخمسة عشر، قاله الخزرجي، طعنه نصراني اسمه: أبولؤلؤة، غلام مغيرة بن شعبة بالمدينة في صلاة الصبح من الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ٢٣ من الهجرة، وله من العمر ثلاث وستون سنة، ودفن يوم الأحد في أول المحرم سنة ٢٤هـ، وكانت خلافته عشر سنين ونصفاً، وصلى عليه صهيب ودفن في الحجرة النبوة، ومناقبه جمة، روى عنه أبوبكر وباقي العشرة، وخلق كثير من الصحابة والتابعين.
(إنما الأعمال بالنيات) أشار المصنف بالبداية بهذا الحديث قبل الشروع في ذكر الكتب والأبواب إلى حسن نيته في تأليفه هذا الكتاب، وأنه قصد به وجه الله فقط، وأراد به تنبيه الطالب على تحسين النية وترغيبه إلى تصحيح الطوية، وكان المتقدمون يستحبون تقديم هذا الحديث أمام كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الحاجة إليه، ولهذا صدر به المصنف تبعاً للبخاري وغيره، فينبغي لمن أراد أن يصنف كتاباً أن يبدأ به. قال عبد الرحمن بن مهدي: لو صنفت كتاباً في الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب في الأعمال بالنيات في كل باب، وعنه أنه قال: من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بحديث الأعمال بالنيات، وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذا الحديث، وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها الدين، اتفق ابن مهدي والشافعي وابن حنبل وابن المديني وأبوداود والترمذي وغيرهم على أنه ثلث الإسلام، ومنهم من قال: ربعه، وقد تكلم العلماء على هذا الحديث في أوراق وأطالوا فيه الكلام، والظاهر عندي في معناه أن الأعمال فيه على عمومها لا يختص منها شيء، فالمراد بها مطلق الأفعال الاختيارية الصادرة عن المكلفين، وتقدير الكلام: الأعمال واقعة أو متحققة أو حاصلة بالنيات، فيكون إخباراً عن الأعمال الاختيارية أنها لا تقع إلا عن قصد من العامل، هو سبب عملها ووجودها، فهي مقدمة عقلية ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - تمهيداً لما بعدها من المقدمات الشرعية وتوضيحاً لها، ولا استبعاد فيه، ومنه قوله:((لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح)) ، ويكون قوله بعد ذلك:((وإنما لامرئ ما نوى)) إخباراً عن حكم الشرع، وهو أن حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت صالحة