للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله! قال الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)) . رواه مسلم.

ــ

عن شيوخنا. وقال النووي في شرح مسلم: بفتح الفاء وكسر الراء المشددة هكذا نقله القاضي عن متقنى شيوخهم وذكر غيره أنه روى بتخفيفها وإسكان الفاء. وقال في الأذكار: روي المفردون بتشديد الراء وتخفيفها والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد، يقال فَرَدَ الرجلُ في رأيه وأْفَرَدَ وفَرَّدَ واْستَفْرَدَ كله بمعنى أي استقل به وتخلى بتدبيره. والمراد به الذين تفردوا بذكر الله تعالى وانفردوا واعتزلوا عن الناس للتعبد. وقيل: هم الذين هلك أترابهم من الناس وذهب القرن الذين كانوا فيه وانفردوا عنهم وبقوا بعدهم يذكرون الله تعالى، وقال ابن الإعرابي: يقال فرد الرجل إذ اتفقه واعتزل الناس وخلا بمراعاة الأمر والنهي (قالوا) أي بعض الصحابة (وما المفردون) أي من هم "فما" بمعنى من كما في قوله تعالى: {والسماء وما بناها} [الشمس: ٥] والواو رابطة بين السؤال والجواب. وقيل: الواو للعطف على محذوف كأنهم قالوا: لا نعلم المفردين ونقول ما المفردون. وقيل: الواو زائدة للتحسين، قال التوربشتي: فإن قيل لم قالوا ما المفردون؟ ولم يقولوا من المفردون؟ قلنا: لأنهم فتشوا عن معرفة معنى هذا اللفظ عند الإطلاق ما هو المراد منه لا تعيين المتصفين به وتعريف أشخاصهم يعني أن السؤال عن الصفة أي التفريد أو الإفراد فأجاب صلى الله عليه وسلم بأن التفريد الحقيقي المتعبد هو تفريد النفس بذكر الله تعالى. وقيل: الأظهر إن "ما" ههنا تغليب غير ذوي العقول لكثرتهم على ذوي العقول لقلتهم لما حرر في محله أن الأشياء كلها له حظ من الذكر والتسبيح ومعرفة الرب والخشية منه (الذاكرون الله كثيراً) أي ذكراً كثيراً. واختلف في تفسير الكثرة. فقال ابن عباس: كثرة الذكر يحصل بالذكر في أدبار الصلاة والغدو والعشي وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غداً أو راح من منزله. وقال مجاهد: يحصل بذكره قياماً وقعوداً واضطجاعاً. وقال عطاء: بإقامة الصلوات الخمس مع حقوقها، وسأل ابن الصلاح عن ذلك فقال: بالمواظبة على الأذكار المأثورة المثبتة صباحاً ومساءاً في الأوقات والأحوال المختلفة ليلاً ونهاراً وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة وهذه الأقوال ذكرها النووي في الأذكار (والذاكرات) قال النووي: تقديره والذاكراته فحذفت الهاء هنا كما حذفت في القرآن لمناسبة رؤس الآي، ولأنه مفعول يجوز حذفه (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والحاكم (ج١ص٤٩٥) ولفظ الترمذي في الجواب. قال المستهترون في ذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافاً، والمستهترون بضم الميم وفتح التاءين. قال في جامع الأصول: المستهتر بالشي المولع به المواظب عليه عن حب ورغبة فيه. وقال في النهاية: يقال أهتر فلان بكذا واستُهتِر فهو مُهتر به ومسْتهتَر أي مولع به لا يتحدث بغيره ولا يفعل غيره – انتهى. وقال المنذري: المستهترون بذكر الله هم المولعون به المداومون عليه لا يبالون ما قيل فيهم ولا ما فعل بهم. وقال ابن القيم في

<<  <  ج: ص:  >  >>