فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشي أحب إلي مما افترضت عليه،
ــ
فعيل بمعنى مفعول وهو من يتولى الله تعالى أمره قال تعالى وهو يتولى الصالحين ولا يكله إلى نفسه لحظة بل يتولى الحق رعايته أو هو فعيل مبالغة من الفاعل وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته فعبادته تجري على التوالي من غير أن يتخللها عصيان، وكلا الوصفين واجب حتى يكون الولي ولياً بحسب قيامه بحقوق الله على الاستقضاء والاستبقاء ودوام حفظ الله إياه في السراء والضراء، ومن شرط الولي أن يكون محفوظاً كما أن من شرط النبي أن يكون معصوماً. قال القشيري: والمراد بكون الولي محفوظاً أن يحفظه الله تعالى عن تماديه في الزلل والخطأ إن وقع فيهما بأن يلهمه التوبة فيتوب منهما وإلا فهما لا يقدحان في ولايته – انتهى. وقد استشكل وجود أحد يعادي الولي لأن المعاداة من باب المتفاعلة التي تقع من الجانبين، ومن شأن الولي الحلم والاجتناب عن المعاداة والصفح عمن يجهل عليه. وأجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلاً، بل قد تقع عن بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر والمبتدع في بغضه للسني فتقع المعاداة من الجانبين. أما من جانب الولي فلله تعالى وفي الله، وأما من جانب الآخر فظاهر وكذا الفاسق المتجاهر يبغضه الولي في الله ويبغضه الآخر لإنكاره عليه وملازمته لنهيه عن شهواته. وقيل لا يحتاج إلى هذا التكلف فإذا قلنا إن الفاعل يأتي بمعنى فعل كما في قوله تعالى:{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}[آل عمران: ١٣٣] بمعنى أسرعوا حصل الجواب ويؤيد هذا قوله من آذى لي ولياً كما تقدم (فقد آذنته) بمد الهمزة وفتح المعجمة بعدها نون أي أعلمته من الإيذان وهو الأعلام (بالحرب) أي بمحاربتي إياه ووقع في حديث عائشة من عادى لي ولياً فقد استحل محاربتي وفي حديث معاذ عند ابن ماجه وأبي نعيم كما في الفتح فقد بارز الله بالمحاربة، وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني والبيهقي. وحديث أنس عند أبي يعلى والبزار فقد باوزني. وقد استشكل وقوع المحاربة وهي مفاعلة من الجانبين والمخلوق في أسر الخالق. والجواب إنه من المخاطبة بما يفهم فإن غاية الحرب الهلاك والله لا يغلبه غالب، فكان المعنى فقد تعرض لإهلاكي إياه فأطلق الحرب وأراد لازمه أي أعمل به ما يعمله العدو المحارب. قال الفاكفاني: هذا تهديد شديد لأن من حاربه الله أهلكه وهو من المجاز البليغ لأن من كره من أحب الله خالف الله ومن خالف الله عانده ومن عانده أهلكه، وإذا ثبت هذا في جانب المعاداة ثبت في جانب الموالاة فمن والى أولياء الله أكرمه الله (وما تقرب إلي عبدي) أي المؤمن (بشي) أي من الطاعة (أحب إلي) بفتح أحب صفة لقوله بشي فهو مفتوح في موضع جر وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أحب (مما افترضت عليه) سواء كان عيناً أو كفاية ظاهراً أو باطناً ويستفاد منه إن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله وإن قرب العبد إلى ربه بأداء الفرائض أتم وأكمل مما يحصل بأداء النوافل لأن انعزل العبد عن اختياره في امتثال الأمر أشد في أداء الفرائض فإن النوافل يهديها العبد إلى الرب بالاختيار والتبرع، ويحصل في الأول فناء الذات، وفي الثاني فناء الصفات