فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم. ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك.
ــ
ذكرهم، وفي الرواية الآتية يبتغون مجالس الذكر، وفي حديث جابر بن عبد الله عند أبي يعلى والبزار إن لله سرايا من الملائكة تقف وتحل بمجالس الذكر. (تنادوا) بفتح الدال أي نادى بعض تلك الملائكة بعضاً قائلين (هلموا) أي تعالوا مسرعين (إلى حاجتكم) أي إلى ما تطلبون من استماع الذكر وزيارة الذاكر، فإنا قد وجدنا جماعة من أهل الذكر. وفي رواية أحمد والترمذي إلى بغيتكم بكسر الباء وضمها مع سكون الغين وفتح الياء مخففة، وبفتح الباء وكسر الغين مع تشديد الياء المفتوحة أي إلى مطلوبكم ومرغوبكم وقوله "هلموا" ورد على لغة أهل نجد أنها تثنى وتجمع وتؤنث ولغة أهل الحجاز بناء لفظها على الفتح وبقاءه بحاله مع المثنى والجمع والمؤنث ومنه قوله تعالى: {قل هلم شهداءكم}[الأنعام: ١٥٠](قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (فيحفونهم) بفتح التحتية وضم الحاء وتشديد الفاء من الحف وهو الاشتمال حول شيء أي يطوفون بهم ويدورون حولهم من جوانبهم (بأجنحتهم) قال المظهري: الباء للتعدية أي يديرون أجنحتهم حول الذاكرين. وقال الطيبي: الظاهر إنها للاستعانة كما في قولك كتبت بالقلم أي يطيفونهم ويحدقون بهم بأجنحتهم لأن حفهم الذي ينتهي إلى السماء إنما يستقيم بواسطة الأجنحة (إلى السماء الدنيا) وفي رواية، إلى سماء الدنيا. قال الطيبي: أي يقف بعضهم فوق بعض إلى السماء الدنيا. (فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم) أي بالذاكرين من الملائكة. قال الطيبي: وهو أعلم حال والأحسن أن تكون معترضة أو تتميماً صيانة عن التوهم يعني لتوهم أن تكون الحال منتقلة، والحال أنها مؤكدة. وفائدة السؤال مع العلم بالمسئول إظهار شرف بني آدم وصلاحهم والتعريض بالملائكة بقولهم في بني آدم {أتجعل فيها من يفسد فيها}[البقرة: ٣٠] الخ (ما يقول عبادي) الإضافة للتشريف (يقولون) أي الملائكة (يسبحونك) أي عبادك يسبحونك (ويحمدونك) بالتخفيف (ويمجدونك) بتشديد الجيم أي يذكرونك بالعظمة أو ينسبونك إلى المجد وهو الكرم. قال الجزري: التمجيد التعظيم والمجيد الشريف العظيم، وفي رواية مسلم الآتية ذكر التهليل بدل التمجيد، وفي حديث أنس عند البزار يعظمون آلائك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم. قال الحافظ: ويؤخذ من مجموع هذه الطرق المراد بمجالس الذكر وإنها التي تشتمل على ذكر الله بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرهما، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة وفي دخول قراءة الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته، والاجتماع على صلاة النافلة