قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال: فيقول كيف لو رأوني؟ قال: فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً. قال: فيقول: فما يسألون؟ قالوا: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل رأوها. قال: فيقولون: لا والله يا رب! ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول فهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، أو أشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم،
ــ
في هذه المجالس نظر. والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوهما، والتلاوة حسب وإن كانت قراءة الحديث ومدارسة العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى – انتهى. قلت، وقال العيني: قوله "أهل الذكر" أي في قوله "يلتمسون أهل الذكر" يتناول الصلاة وقراءة القرآن وتلاوة الحديث وتدريس العلوم ومناظرة العلماء – انتهى. فاختلف الحافظ والعيني في أن المراد بمجالس الذكر وأهل الذكر الخصوص أو العموم، فاختار الحافظ الخصوص نظراً إلى ظاهر ألفاظ الطرق المذكورة، واختار العيني العموم نظراً إلى أن ما في هذه الطرق من ألفاظ الذكر تمثيلات. قال شيخنا في شرح الترمذي: والظاهر هو الخصوص كما قال الحافظ: والله تعالى اعلم. (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (فيقول) أي الله (كيف لو رأوني) أي لو رأوني كيف يكون حالهم في الذكر (وأشد لك تمجيداً) أي تعظيماً، وزاد في رواية تحميداً، وفي أخرى وأشد لك ذكراً (وأكثر لك تسبيحاً) فيه إيماء إلى أن تحمل مشقة الخدمة على قدر المعرفة والمحبة (فما يسالون) أي مني، وفي رواية فما يسألوني وفي أخرى فما يسألونني (وهل رأوها) أي الجنة (كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة) لأن الخبر ليس كالمعانية (فمم) أي من شيء حذفت ألف "ما" وأبقيت الفتحة على الميم، فإنه يجب حذف ألف "ما" الاستفهامية إذا جرت، وإبقاء الفتحة على الميم دليلاً عليها نحو {فيم أنت من ذكراها}[النازعات: ٤٣] فناظرة بم يرجع المرسلون {لم تقولون ما لا تفعلون}[الصف: ٢] وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر (فأشهدكم) من الأشهاد أي أجعلكم شاهدين (إني قد غفرت لهم) أي بذكرهم فـ {إن الحسنات يذهبن السيئات}[هود: ١١٤](فيهم فلان) كناية عن اسمه ونسبه (ليس منهم) أي