للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٢٣٠٢- (٢٠) وعن عبد الله بن بسر، أن رجلاً قال: ((يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشي أتشبث به. قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)) .

ــ

ما هو السبب في ذلك فالتحليف لمزيد التقرير والتأكيد لا التهمة، كما هو الأصل في وضع التحليف فإن من لا يتهم لا يحلف. قال ابن القيم: هذه المباهاة من الله تعالى دليل على شرف الذكر عند الله ومحبته له وإن له مزية على غيره من الأعمال (رواه مسلم) في الدعوات وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ص٩٢) والترمذي في الدعوات وأخرج النسائي في آخر القضاء المسند منه فقط ونسبه في الكنز لابن حبان أيضاً.

٢٣٠٢- قوله: (إن رجلاً) هذا لفظ الترمذي ولابن ماجه إن أعرابياً (إن شرائع الإسلام) قال الطيبي: الشريعة مورد الإبل على الماء الجاري والمراد ما شرع الله وأظهره لعباده من الفرائض والسنن – انتهى. قال القاري: والظاهر إن المراد بها ههنا النوافل لقوله (قد كثرت علي) بضم المثلثة ويفتح أي غلبت علي بالكثرة حتى عجزت عنها لضعفي (فأخبرني بشي) قال الطيبي: التنكير في بشي للقليل المتضمن لمعنى التعظيم كقوله تعالى: {ورضوان من الله أكبر} [التوبة: ٧٢] ومعناه أخبرني بشي يسير مستجلب لثواب كثير – انتهى. (أتشبث به) بتشديد الموحدة أي أتعلق به واعتصم واستمسك وهذا لفظ الترمذي، ولابن ماجه فأنبئني منها بشي أتشبث به قال السندي: أي ليسهل علي أدائها أو ليحصل به فضل ما فات منها من غير الفرائض ولم يرد الاكتفاء به عن الفرائض والواجبات والله اعلم – انتهى. وقال الطيبي: لم يرد أنه يترك ذلك رأسا ويشتغل بغيره فحسب. وإنما أراد إنه بعد أداء ما افترض عليه يتشبث بما يستغني به عن سائر ما لم يفترض عليه (قال لا يزال) أي هو إنه لا يزال (لسانك رطباً من ذكر الله) أي طرياً مشتغلاً قريب العهد منه وهو كناية عن المداومة على الذكر. قال ابن القيم في الوابل الصيب: الفائدة السابعة والخمسون للذكر أن أدامته تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية كحج التطوع، وقد جاء ذلك صريحاً في حديث أبي هريرة إن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموالهم يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون. فقال: ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم. قالوا: بلى يا رسول الله! قال تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة – الحديث متفق عليه. فجعل الذكر عوضاً لهم عما فاتهم من الحج والعمرة والجهاد وأخبر أنهم يسبقونهم بهذا الذكر، فلما سمع أهل الدثور بذلك عملوا به فازدادوا إلى صدقاتهم وعبادتهم بمالهم التعبد بهذا الذكر فحازوا الفضيلتين فنفسهم الفقراء وأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>