٢٣٠٥- (٢٣) وعن مالك، قال:((بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين،
ــ
بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى وأن لا يزال لهجاً بذكره فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ولا يدخل عليه العدو، إلا من باب الغفلة فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله تعالى وتصاغر وانقمع حتى يكون كالوصع وكالذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور، فإذا ذكر الله خنس أي كف وانقبض، ثم ذكر عن عباس مثل حديث الباب موقوفاً عليه. (رواه البخاري تعليقاً) أي بلا ذكر سند قلت في عزو هذا السياق المرفوع للبخاري نظر فإنه ذكر في تفسير سورة الناس معناه عن ابن عباس موقوفاً عليه من قوله لا مرفوعاً حيث قال: ويذكر عن ابن عباس الوسواس إذا وُلِدَ خنسه الشيطان (أي أخره وأزاله عن مكانه لشدة نخسه وطعنه بإصبعه) فإذا ذكر الله ذهب وإذا لم يذكر الله ثبت على قلبه. قال الحافظ: إسناده إلى ابن عباس ضعيف، أخرجه الطبري والحاكم (ج٢ص٥٤١) وفي إسناده حكيم بن جبير وهو ضعيف، ولفظه ما من مولود إلا على قلبه الوسواس فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس، وهو قوله تعالى:{الوسواس الخناس}[الناس: ٤] قلت: قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي وعزاه الشوكاني في الفتح القدير لابن المنذر وابن مردوية والضياء والبيهقي أيضاً، وأخرجه سعيد بن منصور من وجه آخر عن ابن عباس بلفظ: يولد الإنسان والشيطان جاثم على قلبه، فإذا عقل وذكر اسم الله خنس وإذا غفل وسوس. وأخرجه ابن مردوية من وجه آخر عن ابن عباس. قال: الوسواس هو الشيطان يولد المولود، والوسواس على قلبه فهو يصرفه حيث شاء فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل جثم على قلبه فوسوس ولأبي يعلى والبيهقي في الشعب وابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي في النوارد من حديث أنس مرفوعاً. قال: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس قال الحافظ: إسناده ضعيف. وقال الهيثمي: فيه عدي بن عمارة وهو ضعيف. ولسعيد بن منصور من طريق عروة بن رويم. قال: سأل عيسى عليه السلام ربه أن يريه موضع الشيطان من بني آدم فأراه فإذا رأسه مثل رأس الحية واضع رأسه على ثمرة القلب فإذا ذكر العبد ربه خنس وإذا ترك مناه حدثه.
٢٣٠٥- قوله:(وعن مالك قال بلغني) تقدم الكلام في بلاغات مالك المذكورة في الموطأ، وهذا البلاغ قد وصله أبونعيم وغيره كما سيأتي (ذاكر الله في الغافلين) أي عن الذكر (كالمقاتل) أي للكفار (خلف الفارين) بتشديد الراء أي المنهزمين الفارين من الزحف إذا التحم الحرب في قتال الكفار، وفي حديث ابن عمر عند أبي نعيم